وأهدى إليه ملك تبت من عجائب بلاده مائة جوشن (٥٣٨) تبتية ومائة قطعة تخافيف كالبرانس كل واحدة منها تستر الفارس وفرسه ومائة ترس تبتية ، لا تعمل في هذه الأتراس والجواشن والتخافيف عوامل الرماح ولا بواتر الصفاح ولا شدائد نصول الجراح ، وزنة كل قطعة من المذكورات ما بين أربعين إلى ستين درهما. وأهدى إليه أربعة آلاف من من المسك التبتي ، وتسعين غزالا من غزلان المسك في الحياة ومائدة عظيمة من الذهب الأحمر مرصعة بأنواع الدر والجواهر يدور حولها نحو ثلاثين رجلا ، قد كتب على حافتها : أشهى الطعام ما أكله الآكل من حله وجاد على ذي الفاقة من فضله. ما أكلته وأنت تشتهيه فقد أكلته ، وما أكلته وأنت لا تشتهيه فقد أكلك.
وكان لكسرى خواتيم أربعة : خاتم للخراج ، فصه ياقوت أحمر يتقد كالنار ، نقشه : العدل للعدل. وخاتم للضياع ، فصه فيزوزج نقشه : العمارة العمارة. وخاتم للضرب والعقوبة ، فصه من زمرد ، نقشه : التأني التأني. وخاتم للبرد والرسل فصه درة بيضاء ، نقشه : العجل العجل. وكان له مائدة أهداها إليه قيصر ملك الروم من العنبر ، فتحها ثلاثة أذرع ، على ثلاث قوائم من الذهب مفصصة بأنواع الجواهر ، أحد الأرجل الثلاثة ساعد أسد وكفه ، والآخر ساق وعل ، والثالث كف عقاب ومخلبه وثلاثون جاما من الجزع اليماني ، فتح كل منها شبر في شبر. وكان عنده خمسة آلاف درة ، زنة كل واحدة منها ثلاثة مثاقيل. وكان يقول خير الكنوز معروف أودعته الأحرار ، وعلم توارثته الأعقاب ، وأطول الناس عمرا من كثر علمه فانتفع به من بعده. وكان لكسرى عشرة آلاف غلام من الترك والخطا وهم في غاية الحسن والجمال واستقامة الصور والتخطيط ، في آذانهم قروط الذهب الأحمر فيها الدر
__________________
(٥٣٨) الجوشن : الدرع (بطرس البستاني : محيط المحيط).