وأما قول قتادة (٦٢) ومكحول (٦٣) فلا يوجب العلم اليقين الذي يقطع على الغيب به. واختلفوا في البحار والمياه والأنهار ، فروى المسلمون أن الله خلق ماء البحار مرا زعافا وأنزل من السماء ماء عذبا كما قال الله تعالى :
(أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ، لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ)(٦٤) وقال تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ).
فكل ماء عذب من بئر أو نهر أو عين فمن ذلك الماء المنزل من السماء ، فإذا اقتربت الساعة بعث الله ملكا معه طست (٦٥) لا يعلم عظمته إلا الله تعالى فجمع تلك المياه فردها إلى الجنة.
وزعم أهل الكتاب أن أربعة أنهار تخرج من الجنة : الفرات وسيحان وجيحان ودجلة (٦٦). وذلك أنهم يزعمون أن أهل الجنة في مشارق الأرض. وروي أن
__________________
(٦٢) قتادة (٦١ ـ ١١٨ ه) هو قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي. من أهل البصرة. ولد ضريرا. أحد المفسرين والحفاظ للحديث. قال أحمد بن حنبل : قتادة أحفظ أهل البصرة. وكان مع عمله بالحديث رأسا في العربية ، ومفردات اللغة وأيام العرب ، والنسب. كان يري القدر. وقد يدلس في الحديث. مات بواسط في الطاعون. [الاعلام للزركلي ٦ / ٢٧ ؛ وتذكرة الحفاظ ١ / ١١٥].
(٦٣) سبق ترجمته.
(٦٤) سورة الواقعة : آية ٦٨ ـ ٧٠.
(٦٥) الطست : معرب عن اللفظ الفارسي" تست" وفي العامية المصرية يسمى" طشت".
(٦٦) دجلة : من أشهر أنهار العرب ، تأتي من جبال الأناضول فتلتقي بالفرات فيكونان شط العرب ، وعلى ضفتي دجلة تقع مدينة بغداد عاصمة الخلافة العباسية في صدر الإسلام.