وزلزلت الأرض وارتجت وانتفضت ، وذلك قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها)(٥٩٩) وقوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ)(٦٠٠).
ثم تكور الشمس وتنكدر النجوم وتسجر البحار ، والناس حيارى كالوالهين ينظرون إليها. وعند ذلك تذهل المراضع عما أرضعت ، وتضع كل ذات حمل حملها ، ويشيب الولدان ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، من الفزع ، ولكن عذاب الله شديد.
حكى أبو جعفر الرازي عن ربيع ، عن أبي العيالة عن أبي بن كعب قال : بينما الناس في أسواقهم إذ ذهبت الشمس ، وبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم ، وبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض ، وبينما هم كذلك إذ تحركت الأرض فاضطربت لأن الله تعالى جعل الجبال أوتادها ؛ ففزعت الجن إلى الإنس ، والإنس إلى الجن ، واضطربت الدواب والطيور والوحوش فماج بعضهم في بعض ؛ فقال الجن : نأتيكم بالخبر اليقين.
فانطلقوا فإذا هي نار تتأجج. فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأهلكتهم. وهذه من نص القرآن ظاهرة ، لا يسع لأحد مؤمن ردها والتكذيب بها. وفي هذه الصيحة تكون السماء كالمهل ، وتكون الجبال كالعهن ، ولا يسأل حميم حميما ، وفيها تنشق السماء فتصير أبوابا ، وفيها يحيط سرادق من نار بحافات الأرض فتطير الشياطين هاربة من الفزع ، حتى تأتي أقطار السماء والأرض فتتلقاهم الملائكة يضربون وجوههم حتى يرجعوا. وذلك قوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ
__________________
(٥٩٩) سورة الزلزلة : آية ١.
(٦٠٠) سورة المزمل : آية ١٤.