البحر ولذلك صار مرا زعافا. واختلفوا في المد والجزر ، فزعم أرسطاطاليس (٦٩) أن علة ذلك من الشمس إذا حركت الريح ، فإذا ازدادت الرياح كان منها المد ، وإذا نقصت كان منها الجزر. وزعم كيماويش أن المد بانصباب الأنهار في البحر والجزر بسكونها. والمنجمون منهم من زعم أن المد بامتلاء القمر والجزر بنقصانه. وقد روي في بعض الأخبار أن الله جعل ملكا موكلا بالبحار ، فإذا وضع قدمه في البحر مد وإذا رفعه جزر ؛ فإن صح ذلك والله أعلم كان اعتقاده أولى من المصير إلى غيره مما لا يفيد حقيقة. ولو ذهب ذاهب إلى أن ذلك الملك هو مهب الرياح التي تكون سببا للمد وتزيد في الأنهار وتفعل ذلك عند امتلاء المقر حتى يكون توفيقا وجمعا بين الكل لكان ذلك مذهبا حسنا. والله أعلم.
واختلفوا في الجبال. قال الله تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ)(٧٠) وقال تعالى : (ق ، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)(٧١). قال بعض المفسرين. إن من جبل قاف إلى السماء مقدار قامة رجل طويل. وقال آخرون. بل السماء منطبقة عليه. وقال قوم : من وراء قاف عوالم وخلائق لا يعلمها إلا الله تعالى. ومنهم من يقول : ماوراءه فهو من حد الآخرة ومن حكمها ، وأن الشمس تطلع منه وتغيب فيه وهو الساتر لها عن الأرض ؛ ومنهم من يزعم أن الجبال عظام الأرض وعروقها.
__________________
(٦٩) أرسطو طاليس (أرسطو) (٣٨٤ ـ ٣٢٢ ق. م) : فيلسوف يوناني مقدوني ، تكاملت على يديه الفلسفة اليونانية فبلغت الذروة في نضوجها. يعده مؤرخ الفلسفة المعروف الدكتور عبد الرحمن بدوي هو وأستاذه أفلاطون (أعظم فلاسفة العالم على طول تاريخ الفكر الانساني) ، ولقّب ب (المعلم الأول) و (صاحب المنطق). ترك عددا كبيرا من المؤلفات ذكر بطليموس الغريب ٨٢ عنوانا منها ، تتألف من ٥٥٠ مقالة. لكن قسما كبيرا منها ضاع ولم يصل إلينا. لكن لحسن الحظ أن الذي بقي هو الجانب الأهم).
(٧٠) سورة لقمان : آية ١٠.
(٧١) سورة ق : آية ١.