وحلاوته لا يعادلها شيء حتى قيل : إن الرطل (٨٠) الواحد من سكره يحمل عشرة أرطال من الماء وحلاوته ظاهرة. ويحمل من بلاد السوس من السكر ما يعم جميع الأرض لو حمل إلى البلاد ، وبها تعمل الأكسية الرفيعة الخارقة ، والثياب الفاخرة السوسية المشهورة في الدنيا ، ونساؤها في غاية الحسن والجمال والظرف والذكاء ، وأسعارها في غاية الرخص ، والخصب بها كثير.
فمن مدنها المشهورة ما رودنت وهي مدينة العظماء من ملوك المغرب ، بها أنهار جارية وبساتين مشتبكة وفواكه مختلفة وأسعار رخيصة. والطريق منها إلى أغمات أريكة في أسفل جبل ، ليس في الأرض مثله إلا القليل في العلو والارتفاع وطول المسافة واتصال العمارة وكثرة الأنهار والتفاف الأشجار والفواكه الفاخرة التي يباع منها الحمل بقيراط من الذهب. وبأعلى هذا الجبل أكثر من سبعين حصنا وقلعة ، منها حصن منيع هو عمارة محمد بن تومرت (٨١) ، ملك المغرب ، إذا أراد أربعة من
__________________
(٨٠) الرطل : اثنتا عشرة أوقية بأواقي العرب والأوقية : أربعون درهما.
(٨١) ابن تومرت : مؤسس دولة الموحدين على أنقاض دولة المرابطين ينتمي إلى قبيلة هرغة إحدى القبائل المصمودية المستقرة بالأطلس الصغير بمنطقة سوس الأقصى المغربية. ولد في الثلث الأخير من القرن الخامس الهجري ببلاد المغرب الأقصى ، وقد اختلف المؤرخون في تحديد سنة مولده اشتهر منذ صغره بالتقوى والورع. وقد امتاز بمواظبته على الدراسة والصلاة ، إلى حد أنه اشتهر لدى قبيلته باسم" أسفو" أي المشعل. رحل إلى بلاد المشرق ليكمل تحصيله ويعمق معارفه في أهم المراكز العلمية هناك. ويزعم أنه التقى بأبي حامد الغزالي صاحب كتاب إحياء علوم الدين ثم رجع إلى المغرب. يقول عنه ابن خلدون : «بحرا متفجرا من العلم وشهابا واريا من الدين» فأثار الإعجاب بعلمه وورعه وتعلق به وبأفكاره كثير من الناس وعلى رأسهم" عبد المؤمن بن علي الكومي" الذي التقى بابن تومرت بقرية ملالة ففضل ملازمته واتباع نهجه وطريق مسيرته. لقد ركز ابن تومرت دعوته في مواجهته لفقهاء المالكية على أسس دينية وأخلاقية واجتماعية ووافاه الأجل في شهر رمضان ٥٢٤ ه.