بن عفان (٩٨) رضي الله تعالى عنه بخطه ، أي بخط يده ، وفيهن نقط من دمه. وله عشرون بابا مصفحات بالنحاس الأندلسي ؛ مخرمات تخريما يعجز البشر ، وفي كل باب حلق ، في نهاية الصنعة والحكمة. وبه الصومعة العجيبة التي ارتفاعها مائة ذراع بالملكي المعروف بالرشاشي ، وفيها من أنواع الصنائع الدقيقة ما يعجز الواصف عن وصفه ونعته. وبهذا الجامع ثلاثة أعمدة حمر مكتوب على أحدها اسم محمد ، وعلى الآخر صورة عصا موسى وأهل الكهف ، وعلى الثالث صورة غراب نوح. والجميع خلقة ربانية.
وبمدينة قرطبة القنطرة العجيبة (٩٩) التي فاقت قناطر الدنيا حسنا وإتقانا ، وعدد قسيها سبعة عشر قوسا ، كل قوس منها خمسون شبرا وبين كل قوسين خمسون شبرا. ومحاسن هذه المدينة أعظم من أن يحيط بها وصف.
__________________
(٩٨) عثمان بن عفان (٤٧ ق ه ـ ٣٥ ه) هو عثمان بن عفان بن أبي العاص. قرشي أموي. أمير المؤلفين ، وثالث الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة من السابقين إلى الإسلام. كان غنيا شريفا في الجاهلية ، وبذل من ماله نصرة الإسلام. زوجه النبي صلي اله علية وسلم بنته رقية ، فلما ماتت زوجة بنته الأخرى أم كلثوم ، فسمى ذا النورين بويع بالخلافة بعد أمير المؤمنين عمر. واتسعت رقعة الفتوح في أيامه. أتم جمع القرآن. وأحرق ما عدا نسخ مصحف الإمام. نقم علية بعض الناس تقديم بعض أقاربه في الولايات. قتله بعض الخارجين علية بداره يوم الأضحى وهو يقرأ القرآن. [الأعلام للزركلي ٤ / ٣٧١ ؛ و (عثمان بن عفان) لصادق إبراهيم عرجون ؛ والبدء والتاريخ ٥ / ٧٩].
(٩٩) وفي ذلك قال الشاعر : بأربع فاقت الأمصار قرطبة .... منهن قنطرة الوادي وجامعها
هاتان ثنتان والزهراء ثالثة ..... والعلم أعظم شئ وهو رابعها.