شنترية : بها قوم من البربر (١٢٥) وأخلاط العرب ، وبها معدن الحديد والبريم ، وبينها وبين الإسكندرية برية واسعة. يقولون : إن بها مدنا عظيمة مطلسمة من أعمال الحكماء والسحرة ، ولا تظهر إلا صدفة.
فمنها ما حكي أن رجلا أتى عمر بن عبد العزيز (١٢٦) رحمه الله تعالى ، وعمر رضي الله عنه يومئذ عامل (١٢٧) على مصر وأعمالها ، فعرفه أنه رأى في صحراء الغرب
__________________
(١٢٥) البربر : هم سكان المغرب العربي الأصليون ، فهم ليسوا أوربيون ولا أفارقة لأنهم لا يتسمون بأي صفة من صفات العرقين السابقين ويظهر للعيان أن الملامح التي يحملونها مشرقية سواء كانت البشرة البيضاء كما حال قريش والجميع يعلم مواصفات النبي القرشي صلوات الله وسلامه عليه وإما بشره حنطاوية فاتحة اللون. هناك أيضا ثورة مشهورة قام بها البرابرة وتسمى ثورة البربر في الأندلس وأشار المؤرخ شارل أندري جوليان في كتابه تاريخ أفريقيا الشمالية" إلى أن البربر لم يطلقوا على أنفسهم هذا الاسم ، بل أخذوه من دون أن يروموا استعماله عن الرومان الذين كانوا يعتبرونهم أجانب عن حضارتهم ، وينعتونهم بالهمج ، ومنه استعمل العرب كلمة برابر وبرابرة. (أنظر ، التيجاني بلعوالي ، البربر الأمازيغ ، ازدواجية التسمية ووحدة الأصل وإيلي لوبلان ، تاريخ الجزائر والمؤرخون ، باريس ١٩٣١).
(١٢٦) عمر بن عبد العزيز : ولد في المدينة المنورة على اسم جدّه" عمر بن الخطاب" ، فأمّ عمر بن عبد العزيز هي" أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب". ولا يعرف على وجه اليقين سنة مولده ؛ فالمؤرخون يتأرجحون بين أعوام ٥٩ ه ، ٦٢ ه ، وإن كان يميل بعضهم إلى سنة ٦٢ ه ، وأيا ونشأ بالمدينة على رغبة من أبيه الذي تولى إمارة مصر بعد فترة قليلة من مولد ابنه ، وظلّ واليا على مصر عشرين سنة حتى توفي بها (٦٥ ه ـ ٨٥ ه ـ ٦٨٥ ـ ٧٠٤ م). وقبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخلافة تمرّس بالإدارة واليا وحاكما ، ورأى عن كثب كيف تدار الدولة ، وخبر الأعوان والمساعدين ؛ فلما تولى الخلافة كان لديه من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية ومباشرة مهام الدولة ، وكانت لديه رغبة صادقة في تطبيق العدل. وأهم ما قدمه عمر هو أنه جدّد الأمل في النفوس أن بالإمكان عودة حكم الراشدين ، وأن تمتلئ الأرض عدلا وأمنا وسماحة ولم تطل حياة هذا الخليفة العظيم الذي أطلق عليه" خامس الخلفاء الراشدين" ، فتوفي وهو دون الأربعين من عمره ، قضى منها سنتين وبضعة أشهر في منصب الخلافة ، ولقي ربه في (٢٤ رجب ١٠١ ه ـ ٦ من فبراير ٧٢٠ م) [الاعلام للزركلي ٥ / ٢٠٩ ، و «وسيرة عمر ابن عبد العزيز» لابن الجوزي ؛ و (الخليفة الزاهد) لعبد العزيز سيد الاهل].
(١٢٧) العامل : يقصد به الوالي أو الحاكم.