لاهتداء المراكب القاصدة إليها. ويقولون : إن الذي بنى المنارة هو الذي بنى الأهرام.
وبهذه المدينة المثلثان وهما حجران مربعان وأعلاهما ضيق حاد ، طول كل واحد منها خمس قامات وعرض قواعدهما في الجهات الأربع كل جهة أربعون شبرا ، عليها خط بالسرياني ، حكي أنهما منحوتان من جبل برسم الذي هو غربي ديار مصر ، والكتابة التي عليهما : أنا يعمر بن شداد ، بنيت هذه المدينة حين لا هرم فاش ، ولا موت ذريع ، ولا شيب ظاهر ، وإذا الحجارة كالطين وإذا الناس لا يعرفون لهم ربا ، وأقمت أسطواناتها وفجرت أنهارها وغرست أشجارها ، وأردت أن أعمل فيها شيئا من الآثار المعجزة والعجائب الباهرة فأرسلت مولاي البتوت بن مرة العادي ومقدام بن عمرو بن أبي رغان الثمودي خليفة إلى جبل بريم الأحمر ، فاقتطعا منه حجرين وحملاهما على أعناقهما فانكسرت ضلع من أضلاع البتوت ، فوددت أن أهل مملكتي كانوا فداء له ، وهما هذان. وأقامهما إلى القطن بن جارود المؤتفكي في يوم السعادة ، وهذه المثلثة الواحدة في ركن البلد من الجهة الشرقية والمثلثة الأخرى ببعض المدينة.
ويقال إن المجلس الذي بجنوب المدينة المنسوب إلى سليمان بن داود عليهما السلام ، بناه يعمر بن شداد المذكور ، وأسطواناته وعضاداته باقية إلى الآن ، وهو سنة (١٣٥) خمس وثمانين وثلاثمائة وهو مجلس مربع في كل رأس منه ست عشرة سارية ، وفي الجانبين المتطاولين سبع وستون سارية ، وفي الركن الشمالي أسطوانة عظيمة ورأسها عليها ، وفي أسفلها قاعدة من الرخام مربعة ، جرمها ثمانون شبرا ،
__________________
(١٣٥) الفرق بين العام والسنة : أن العام جميع جمع أيام ، والسنة جمع شهور ، فيقال عام الفيل لا سنة الفيل (الفروق في اللغة ، ص ٢٢٤).