أجاهد من كفره حتى ألحق بالله ، ولست (ج) أدرى أتروننى بعد (يومى) هذا أو أراكم لأن أملى الموت فى سبيل الله أو ردى إليكم كما أحب» ، ثم قال : «اللهم تقبّل منى نفسى فى رضاك» ، ومضى فى عسكر عظيم حتى أشرف على مدينة باغاية ، فكانت النّصارى تهرب من طريقه يمينا وشمالا واحتصر صاحب قلعة مجانة (١) فلجأ النّصارى إلى مدينة باغاية ، واجتمعوا بها ، فنزل عليها وخرجوا إليه ، فقاتلهم قتلا شديدا ، فقتلهم قتلا ذريعا ، وأخذ لهم خيلا كثيرة ، ولم ير المسلمون فى مغازيهم أصلب منها ، وكانت من نتاج خيل أوراس (٢) المطل عليها ، ودخل بقية الروم حصنهم ، وكره عقبة أن يقيم عليها فمضى إلى المسن (٣) وكانت [فى] ذلك الوقت من أعظم مدائن الروم ، فلجأ إليها من كان حولها منهم وخرجوا إليهم فى عدّة وقوة ، فقاتلوهم قتالّا شديدا حتى ظن الناس أنه الفناء ، فانهزموا فقاتلهم إلى باب حصنهم فأصاب غنائم كثيرة [وكره] المقام عليها ، فرحل إلى بلاد الزاب (٤) ، فسأل عن أعظم مدينة لهم قدرا ، فقالوا : مدينة يقال لها «أذنة (٥)» ، ومنها الملك وهى ... الزّاب وكان حولها ثلاثمائة قرية وكلّها عامرة فلما بلغهم أمره لجأوا إلى حصنهم ، وهرب أغلبهم إلى الجبال والوعر ، ونزل واديا بينه وبينها ثلاثة أميال ، فلقوه عند الوادى وقت المساء ، فكره قتالهم فى الليل ، فوقف القوم ليلهم كلّه ساهرين ، فسماه الناس إلى اليوم «وادى سهر» فلما أصبح وصلى ، أمر بالقتال ، وكانت بينهم حرب ما رأوا قطّ ممن حاربوه مثلها حتى يئس المسلمون من أنفسهم ، فأعطاه الله عز وجل الظّفر ،
__________________
(١) بالفتح وتشديد الجيم وبعد الألف نون بلد بإفريقية فتحها بسر بن أرطاة ، وهى تسمى قلعة بسر وبها زعفران كثير ومعادن حديد وفضة.
(٢) وهى موجودة فى جمهورية الجزائر الآن.
(٣) له ذكر فى معجم البلدان لياقوت الحموى.
(٤) كورة عظيمة ونهر جرار بأرض المغرب على البر الأعظم عليه بلاد واسعة وقري متواطئة بين تلمسان وسجلماسة والنهر متسلط عليها.
انظر : معجم البلدان لياقوت الحموى.
(٥) بفتح أوله وثانية ونون بوزن حسنة وكسر الذال.
انظر معجم البلدان ١ / ١٣٢ ـ ١٣٣.