أنّه يمعنى مُطلق الإشارة ، ويستعمل في قبال الإيباء ، ولا مجال للترديد في المقام ، إذ مقتضى العبارة على تقدير كونها با وهو الترديد في الإيباء لا الإيماء ، ولا يسرى الترديد في الإيباء إلى الإيماء ، ولم يقل أحد بكون الإيماء هو الإشارة بالإصبع ، فلا مجال لحمل الإيماء في رواية مالك وأخويه (١) على الإشارة بالإصبع ، بل المراد التوجه ، فالغرض من الإيماء بالسّلام هو توجيه السّلام وقصد سيّد الشهداء عليه السلام بالسّلام.
ويرشد إليه ما رواه في «كامل الزيارة» : عن سليمان بن عيسى ، عن أبيه ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كيف أزورك إذا لم أقدر على ذلك؟
قال : يا عيسى ، إذا لم تقدر على المجيء ، فإذا كان في يوم الجمعة فاغتسل أو توضّأ ، واصعد إلى سطحك ، وصلِّ ركعتين ، وتوجّه نحوي» (٢) ، فإنّ المقصود بالتوجّه نحوه عليه السلام هو التوجّه بالزيارة.
وكذا ما رواه في «كامل الزيارة» بسنده : عن حنان ، عن أبيه ، قال : «قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا سدير ، تكثر زيارة قبر الحسين بن عليّ عليه السلام؟
قلت : إنّه من الشغل.
فقال : ألا اُعلّمك شيئاً إذا أنت فعلته كتبت لك بذلك الزيارة؟
فقلت : بلى جعلت فداك.
فقال لي : اغتسل في منزلك ، واصعد إلى سطحك ، وأشر إليه بالسّلام» (٣) ، حيث إنّ قوله عليه السلام : «وأشر إليه» ظاهر كمال الظهور في أنّ المقصود بالإيماء
__________________
(١) يعني أخويه في الرواية ، وهما علقمة وعقبة.
(٢) كامل الزيارة : ٤٨٢ ، الباب ٩٦ مَن نأت داره وبعدت شقّته كيف يزوره عليه السلام ، الحديث ٤.
(٣)كامل الزيارة : ٤٨٢ ، الباب ٩٦ مَن نأت داره وبعدت شقّته كيف يزوره عليه السلام ، الحديث ٥.