يزيد رفع الاستبعاد ويتناقص الاستبعاد.
لكن هذا الوجه كالوجه السابق يختصّ بالمثوبات المذكورة في باب زيارة سيّد الشهداء روحي وروح العالمين له الفداء.
ويمكن أن يقال : أنه قد جرت العادة واستمرة سيرة الناس على إعطاء الكثير بالقليل ، مثلاً ربما يعطي الشخص خمسين درهماً بإهداء ما يكون قيمته عشرين درهماً ويغمض عن خمسين درهماً لو كانا ديّانا باهداء ما ذكر ، ومن قبيل الأخير حال أرباب الدّيوان ، حيث إنّ الشخص المستولي على الوظيفة الدّيوانية ربما يقصد إمساك مبلغ وباهداء ما دون المبلغ بدرجات يتجاوز عما قصده ويعطي ما قصد إمساكه ، والسرّ فيه أنّ النفس تقبل ويتطرّق عليه الحبّ بواسطة الإهداء ، ولما أقبلت وتطرق عليها الحبّ ، فيقدم على السّماحة والإغماض على حبّ الإقبال وتطرق الحبّ ، وهذا الوجه لا يختص بمثوبات زيارة سيّد الشهداء روحي وروح العالمين له الفداء ، بل يعم غيرها.
إلاّ أن يقال : إنّ الوجه المذكور لا بأس به فيمن يكون إعطائه على حسب اقتضاء الميل ، وأما الله سبحانه فلمّا كان إعطائه وإغماضه على حسب اقتضاء الحكمة ومقدار استعداد العمل فيما لا يكون الأمر فيه من باب التفضّل ، بل ليس التفضّل إلّا على وجه يقتضيه الحكمة ، فلا يتجه الوجه المذكور في المثوبات المذكورة من جانبه سُبحانه بإزاء الأعمال القليلة.
ويمكن أن يقال : إنّ مقتضى الإستقراء في القرآن ورود ثلاثة أقسام من العذاب على قوم لوط : الصّيحة ، وانقلاب الأرض ، وتماطر الأحجار ، مع كفاية واحدٍ منها في تحقّق الهلاك ، وكل ما يمكن أن يكون مصلحة في تعدد العذاب ، يتأتّى نظيره في باب المثوبات الجزيلة على الأعمال القليلة ، فالتوقف في باب تلك المثوبات أولى من طرحها ، والحكم بكذب تلك الأخبار كما هو مقتضى ما تقدم