أن ينقض (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِن رَّبِّكَ) (١) من باب دلالة التنبيه كون صلاح الأب علّة في إصلاح الجدار ، قضيّة أن أراد الله سبحانه أن يستخرج الغلامان كنزهما بعد أن يبلغا أشدهما رحمة منه سبحانه لهما
ونقل البيضاوي أنه قيل إن الفاصلة بين الغلامين والأب كانت سبعمائة سنة.
وفي بعض الأخبار أنّ الله سبحانه بصلاح المؤمن يصلح أولاده وأولاد أولاده وأهل بيته وأهل البيوت في حواليه ، وإلّا فإني كنتُ فاقد لمقتضي التحصيل مع وجود المانع بل الموانع ، وعلى ذلك جرى حال الوالد الماجد قدس سره فإنه كان ينقل أن والده استغاث إلى الله سبحانه في مرض موته لأجله وأودعه الله سبحانه ، وكان والده مع فضله وتموّله يشتغل بنفسه لأعمال البناء والعملة في تعمير بعض المدارس ، كما أنّ والدته كانت تقضي الصّلاة في المطبخ إلى أن يغلى القدر ويحتاج إلى المواظبة ، والوالد الماجد قدس سره قد بلغ في السموّ والعلوّ المعارج والنهاية والمنتهى ، كأن السماك الرامح (٢) أعزل لدى عزته والنسر الطائر (٣) واقعاً دون رفعته (جرّ مقام الرفع (٤) بالاضافة إذ نودى بالرفع مثل المفرد العلم وقدره القدر ولذا ليس
__________________
(١) الكهف ١٨: ٨٢.
(٢) اسم كوكب من الكواكب الطالعة شمالاً ، وفي قباله السماك الأعزل من الكواكب الطالعة جنوباً.
(٣) وهو أيضاً اسم كوكب من الكواكب الطالعة شمالاً ، وهو أوّل الكواكب ، وفي قباله النسر الواقع.
(٤) قوله : «جر مقام الرفع» هذا إلى اخراه مأخوذ من أشعار البردة في مدح سيّد الأنبياء صلى الله عليه وآله روحي وروح العالمين له الفداء مع التصرّف في الأوّليّين لا سيّما ثانيهما بوجه حسن ، والغرض من جرّ مقام الرفع إنّما هو القهر على مقام الارتفاع والاستيلاء عليه ، فسمّى المرجع إلى كونه في غاية الارتفاع والعزّة ، والأمر من باب التجوّز في الجر»