لكن الأظهر أن النفي في المفهوم لا يرجع إلى المقيد فالنفي الوارد على العموم لعموم السلب بالسنبة إلى الأفراد لو كان العموم من باب الاستغراق الأفرادي ، وبالنسبة إلى الأجزاء لو كان العموم من باب الاستغراق المجموعي.
ويقتضي القول بذلك أيضاً ما جرى عليه المحقّق القمّي (١) وبعض من تأخر عنه في باب الترجيح ، من أن المدار في قوله عليه السلام في مقبولة عمر بن حنظلة : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما في الحديث وأورعهما» على الزيادة في العدالة والفقاهة والصادقية والورع ، فالمرجح أمر واحد ، لا الزيادة في كل من الأمور المذكورة ، فيكون المرجح أمور أربعة ، كما رجحناه في محله.
ومقتضى ما عن الشيخ (٢) من أنه لو قال : «لا كلّمت زيداً وعمرواً» ، فكلّم أحدهما حنث ، تعليلاً بأن الواو تنوب مناب الفعل ، هو القول بالثاني.
وكيف كان فالحق في المقام أن الإضمار في المضمار خلاف الظاهر ولا داعي إلى ارتكابه.
لكن الظاهر في مثل «أعط زيداً وعمرواً» هو استقلال كل من زيد وعمرو في وجوب الإعطاء إليه ، مع فرض خلو الكلام عن الإضمار ، نعم قد يكون الأمر مبنياً
__________________
(١) المراد به صاحب القوانين في قوانين الاُصول: ٤٧٤.
(٢) في المبسوط: ٦: ٢٣١ ، حيث قال: «... فحلف لا أكلت هذين الرغيفين ، ولا لبست هذين الثوبين لم يحنث حتّى يأكلهما ، فإن أكل أحدهما لم يحنث. وقال بعضهم: يحنث إذا أكل أحدهما ؛ لأنّ أصله أن القرب من الحنث حنث ، والأوّل أصحّ عندنا ، فإن حلف لا كلّمت زيداً وعمرواً ، فكلّم أحدهما ، حنث.
والفرق بينهما أنّهما يمينان؛ لأنّه حلف لا كلّم زيداً ولا كلّم عمرواً، وإنّما دخلت الواو نائبة مناب تكرير الفعل ، كأنّه أراد أن يقول: والله لا كلّمت زيداً ولا كلّمت عمرواً ، فقال: وعمرواً ، فلهذا حنث ، وليس كذلك في الأوّل لأنّها يمين واحدة».