حتى تؤخذ بأعناقها وما تشعر.
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد المقرئ ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، أنا أحمد بن سيدي ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، نا إسحاق بن بشر القرشي ، قال : وأنا أبو العباس عن وهب بن منبه : إن بدء ما صنعت المزامير (١) والبرابط (٢) والصنوج على صوت داود ، كان يقرأ الزّبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله قط ، فتعكف الجن والإنس والطير والدوابّ على صوته حتى يهلك بعضها جوعا (٣) ، فخرج إبليس مذعورا لما رأى من استئناس الناس والدواب بصوت داود بالزبور ، فدعا عفاريته فقال : ما هذا الذي دهاكم فيمن أنتم بين ظهريه؟ قالوا : مرنا بما أحببت ، قال : فإنه لا يصرفهم عنه إلا ما يشبه ما يسمعون منه ، فعند ذلك احتفروا المزامير والبرابط واتّخذوا الصنوج على أصناف صوته (٤). فلما سمع ذلك غواة الناس والجنّ انصرفوا إليهم وانصرفت الدواب والطير أيضا ، وقام داود في بني إسرائيل يحكم فيهم بأمر الله ، نبيا حكيما عابدا مجتهدا ، وكان له أشد الأنبياء اجتهادا وأكثرهم بكاء حتى عرض له من فتنة تلك المرأة ما عرض ، وكان له محراب يتوحد فيه لتلاوة الزبور ، ولصلاته إذا صلى ، وكان أسفل منه بستان لرجل من بني إسرائيل يقال له أوريا بن صورى وكانت امرأته سابع بنت حنانا التي أصاب داود عليهالسلام منها ما أصاب.
أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أنا أبي أبو القاسم ، أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمّد الأزهري ، أنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الإسفرايني ، نا ابن أبي الدنيا ، نا محمّد بن منصور الطوسي ، قال : سمعت صبيحا أبا تراب ح ، قال أبو عوانة : وحدّثني أبو العباس المرّي (٥) ، نا محمّد بن صالح العدوي ، نا سيّار ، هو ابن حاتم ، عن جعفر ، عن مالك ، قال : كان داود النبي صلىاللهعليهوسلم إذا أخذ في قراءة الزّبور تفنقت العذارى (٦).
__________________
(١) جمع مزمار ، وهو ما يزمر به.
(٢) البرابط جمع بربط وهو العود.
(٣) البداية والنهاية ٢ / ١٤.
(٤) تاريخ الطبري ١ / ٤٧٨.
(٥) البداية والنهاية : المدني.
(٦) نقله ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ١٤ وقال ابن كثير : وهذا غريب.