هيهات كلّ امرئ رهن بما كسبت |
|
يداه (١) حقا ، فخذ ما شئت أو فذر |
قال العباس : والقبران (٢) : اللذان ذكرهما بطوس : قبر هارون والآخر قبر الرضا علي بن موسى (٣). فو الله ما كافأه وكان سبب نعمته بعد الله عزوجل ، فهذه واحدة يا ضبّي ، وأما الثانية فإنه لما استخلف المأمون جعل يطلب دعبلا إلى أن كان من أمره مع إبراهيم بن شكلة (٤) وخروجه مع أهل العراق يطلب الخلافة فأرسل إليه دعبلا بشعر يقول فيه (٥) :
علم وتحكيم وشيب مفارق |
|
طلّسن (٦) ريعان الشباب الرائق |
وإمارة من دولة ميمونة |
|
كانت على اللّذّات أشغب عائق |
فالآن لا أغدو ، ولست برائح |
|
في كبر معشوق وذلّة عاشق |
أنّى يكون وليس ذاك بكائن |
|
يرث الخلافة فاسق عن فاسق |
نفر (٧) ابن شكلة بالعراق وأهلها |
|
فهفا إليه كلّ أطلس (٨) مائق |
إن كان إبراهيم مضطلعا بها (٩) |
|
فلتصلحن من بعده لمخارق |
فضحك المأمون وقال : قد غفرنا لدعبل كلّ ما هجانا به بهذا البيت :
إن كان إبراهيم مضطلعا بها |
|
فلتصلحن من بعده لمخارق (١٠) |
قال : فكتب إلى أبي طاهر أن يطلب له دعبلا حيث كان ، ويعطيه الأمان ، قال : فكتب أبي إليه وكان واثقا بناحيته فأقرأه كتاب أمير المؤمنين ، وحمله وخلع عليه وأجازه بالكثير وأشار عليه بالمصير إلى المأمون قال : فتحمل دعبل إلى المأمون.
__________________
(١) الديوان : له يداه ، فخذ.
(٢) بالأصل : «قال القبران والعباس» وفوق اللفظتين علامتا تحويل إلى أن تبدل وفيهما تقديم وتأخير.
(٣) كذا والمحفوظ المشهور أن الرضا قتل بدس السمّ له في ولاية المأمون بعد أن جعله ولي عهده.
(٤) هو إبراهيم بن المهدي عم المأمون ، وكان قد بويع له بالخلافة خلال وجود وإقامة المأمون بخراسان ، وشكلة هي أمه ، جارية سوداء ، كان كثير الشبه بها.
(٥) الشعر في ديوانه ص ٢٤٤ والأغاني ٢٠ / ١٨١ وابن العديم ٧ / ٣٥٠٨.
(٦) الأصل : «طليس» والمثبت عن الديوان ، وفي الأغاني : طمّسن وطلّس : محاه أو عفّاه.
(٧) الديوان : نعر.
(٨) يريد به الأسود أو الأمرد ، وأصل الأطلس : الذئب في لون غبرة إلى السواد ، والمائق : الأحمض.
(٩) يعني بالخلافة.
(١٠) وهو مخارق بن يحيى بن ناوس الجزار ، من موالي الرشيد وكان مغنيا.