قال : وثبت في الخلافة المأمون وضرب الدنانير باسمه ، وأقبل يجمع الآثار في فضائل آل (١) رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فتناهى إليه فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل (٢) :
مدارس آيات خلت من بلاده |
|
ومنزل وحي مقفر القرعات (٣) |
لآل رسول الله بالخيف من منى |
|
وبالرّكن والتعريف والجمرات |
فما زالت تردد في صدر المأمون حتى قدم عليه دعبل فقال : أنشدني ولا بأس عليك ، ولك الأمان من كل شيء فيها ، فإني أعرفها وقد رويتها إلّا أني أحب أن أسمعها من فيك ، قال : فأنشده حتى صار إلى هذا الموضع :
ألم تر أنّي مذ ثلاثون حجة (٤) |
|
أروح وأغدو دائم الحسرات |
أرى فيئهم في غيرهم (٥) متقسّما |
|
وأيديهم من فيئهم صفرات |
وآل رسول الله نحف جسومها (٦) |
|
وآل زياد غلّظ القصرات |
بنات زياد في الخدور (٧) مصونة |
|
وبنت رسول الله في الفلوات |
إذا وتروا مدّوا إلى واتريهم |
|
أكفّا عن الأوتار منقبضات |
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد |
|
تقطّع قلبي إثرهم حسرات |
قال : فبكى المأمون حتى اخضلّت لحيته ، وجرت دموعه على نحره ، وكان دعبل أول داخل إليه وآخر خارج من عنده ، فو الله إن شعرنا بشيء إلّا وقد عتب على المأمون وأرسل إليه بشعر يقول فيه (٨) :
ويسومني المأمون خطّة ظالم (٩) |
|
أوما رأى بالأمس رأس محمّد؟ |
توفي على هام الخلائق مثل ما |
|
توفي الجبال على رءوس القردد |
__________________
(١) بالأصل : «إلى» والمثبت عن ابن العديم.
(٢) ديوانه ص ١٣١ وابن العديم ٧ / ٣٥٠٩ والأول في الأغاني ٢٠ / ١٨١.
(٣) الديوان : من تلاوة ... العرصات.
(٤) الديوان ص ١٤١ من ثلاثين حجة.
(٥) عن الديوان ، وبالأصل : وغيرهم.
(٦) الديوان : جسومهم.
(٧) الديوان : في الصدور مصونة
وآل رسول الله في الفلوات.
(٨) ديوانه ص ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٩) الديوان :
أيسومني المأمون خطة جاهل