لا تحسبنّ جهلي كحكم أبي فما |
|
حكم المشايخ (١) مثل جهد الأمرد |
إني من القوم الذين سيوفهم |
|
قتلت أخاك وشرّفتك بمقعد |
سادوا بذكرك بعد طول خموله |
|
واستنقذوك من الحضيض الأبعد (٢) |
فلما سمع هذا المأمون قال : كذب عليّ متى كنت خاملا وإني لخليفة وابن خليفة وأخو خليفة ومتى كنت خاملا فرفعني دعبل ، فو الله ما كافأه ولا كافئ أبي ما أسدى إليه ، وذلك أنه لما توفي أنشأ يقول (٣) :
وأبقى طاهر فينا خلالا (٤) |
|
عجائب تستخفّ لها الحلوم |
ثلاثة إخوة (٥) لأب وأم |
|
تمايز عن ثلاثتهم أروم |
فبعضهم يقول : قريش قومي |
|
ويدفعه الموالي والصميم |
وبعض في خزاعة منتماه |
|
ولاء ، غير مجهول ، قديم |
وبعضهم يهش لآل كسرى |
|
ويزعم أنه علج لئيم |
لقد كثرت مناسبهم علينا |
|
فكلّهم على حال زنيم (٦) |
فهذه الثالثة يا ضبّي ، أما الرابعة فإنه لما استخلف المعتصم بالله ، دخل عليه دعبل ذات يوم فأنشده قصيدة ، فقال : أحسنت والله يا دعبل فاسألني ما أحببت. قال : مائة بدرة (٧) ، قال : نعم على أن تمهلني مائة سنة وتضمن لي أجلي معها ، قال : قد أمهلتك ما شئت ، وخرج مغضبا من عنده ، فلقي خصيا قد كان عوّده أن يدخل مدائحه إلى أمير المؤمنين ، ويجعل له سهما من الجائزة إذا قبضها فقال : ويحك إني كنت عند أمير المؤمنين وأغفلت حاجة لي أن أذكرها له ، فأذكرها في أبيات وتدخلها إليه؟ قال : نعم ، ولي نصف الجائزة؟ فماكسه ساعة ثم أجابه إلى أن يجعل له نصف الجائزة ، فأخذ الرقعة فكتب فيها (٨) :
__________________
(١) الديوان : كحلم أبي فما حلم المشايخ.
(٢) الديوان : شادوا ... الأوهد.
(٣) الشعر في ديوانه ص ٢٧٣ والأغاني ٢٠ / ١٥٦ وبغية الطلب ٧ / ٣٥١٠.
(٤) الديوان والأغاني : ثلاثا.
(٥) الديوان والأغاني : أعبد.
(٦) الزنيم : الدعيّ ، والمستلحق فيمن ينتمي إليهم وليس منهم ولا حاجة بهم إليه.
(٧) بدرة : كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار ، جمع بدور وبدر (القاموس).
(٨) ديوانه ص ٣٠٧ وابن العديم ٧ / ٣٥١١.