وأما الخامسة فإن ابن أبي دؤاد (١) كان يعطيه الجزيل من ماله ، ويقسم له على أهل عمله ، فعتب عليه فقال فيه (٢) :
أبا عبد الإله أصخ لقولي |
|
وبعض القول يصحبه السّداد |
يرى طسما تعود بها الليالي |
|
إلى الدّنيا كما رجعت إياد |
قبائل جذّ أصلهم فبادوا |
|
وأودى ذكرهم زمنا فعادوا |
وكانوا غرّزوا في الرمل بيضا |
|
فأمسكه ، كما غرز الجراد |
فلمّا أن سقوا درجوا ودبّوا |
|
وزادوا حين جادهم العهاد (٣) |
هم بيض الرماد يشق منهم |
|
وبعض البيض يشبهه الرّماد |
غدا تأتيك إخوتهم جديش |
|
وجرهم قصّرا ، وتعود عاد |
فتعجز عنهم الأمصار ضيفا |
|
وتمتلئ المنازل والبلاد |
فلم أر مثلهم بادوا فعادوا |
|
ولم أر مثلهم قلّوا (٤) فعادوا |
توغّل فيهم سفك وخوز |
|
وأوباش فهم لهم مداد |
وأنباط السواد قد استحالوا |
|
بها عربا فقد خرب السواد |
فلو شاء الإمام أقام سوقا |
|
فباعهم كما بيع السّماد |
وقال فيه وقد تزوج في بني عجل (٥) :
أيا للناس من خبر طريف |
|
تفرّد (٦) ذكره في الخافقين : |
أعجل أنكحوا ابن أبي دواد (٧) |
|
ولم يتأمّلوا فيه اثنتين |
أرادوا نقد عاجلة فباعوا |
|
رخيصا عاجلا نقدا بدين |
بضاعة خاسر بارت عليه |
|
فباعك بالنّواة التمرتين |
ولو غلطوا بواحدة لقلنا |
|
يكون الوهم بين الغافلين (٨) |
__________________
(١) الأصل وم : داود.
(٢) ديوانه ص ١٦٦ ـ ١٦٧ وبغية الطلب ٧ / ٣٥١٢.
(٣) العهاد : المفرد عهد وعهدة : أول مطر الربيع.
(٤) عن الديوان ، وبالأصل «فلوا».
(٥) الأبيات في ديوانه ص ٢٩٧ وبغية الطلب ٧ / ٣٥١٣.
(٦) الديوان : يغرد.
(٧) الأصل : داود ، والمثبت عن الديوان.
(٨) الديوان : العاقلين.