أنفسها؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا : لا ، قال : فمنكم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا : لا ، قال أبو بكر : فلستم ذهل الأكبر أنتم ذهل الأصغر ، قال : فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين بقل (١) وجهه فقال :
إن على سائلنا أن نسأله |
|
والعبء لا نعرفه أو نجهله |
يا هذا إنك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئا ، فممن الرجل؟ قال أبو بكر الصّدّيق : أنا من قريش ، فقال الفتى : بخ بخ أهل الشرف والرئاسة من أي القرشيين أنت؟ قال : من ولد تيم بن مرة ، فقال الفتى : أمكنت والله الرامي من سواء الثّغرة. أمنكم قصيّ الذي جمع القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمّعا؟ قال : لا ، قال : فمنكم ـ أظنه قال هاشم ـ الذي هشم الثريد لقومه :
ورجال مكة مسنتون عجاف ،
قال : لا ، قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطّلب مطعم طير السماء الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الحجابة أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل السقاية أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الندوة أنت؟ قال : لا ، قال : فمن أهل الرّفادة أنت؟ قال : لا ، واجتذب أبو بكر زمام الناقة راجعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقام الغلام :
صادف در السيل درأ يدفعه |
|
يهيضه حينا وحينا يصدعه |
أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش ، قال : فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال علي : فقلت : يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة قال : أجل أبا حسن ما من طامّة إلّا وفوقها طامّة ، والبلاء موكّل بالمنطق ، قال : ثم رجعنا (٢) إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار ، فتقدم أبو بكر فسلّم ، فقال : ممن القوم؟ قالوا : من بني شيبان بن ثعلبة ، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : بأبي وأمي هؤلاء غرر الناس وفيهم مفروق بن عمرو ، وهانئ بن قبيصة ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك ، وكان مفروق قد
__________________
(١) في البيهقي : «تبين» وبالحاشية عن نسخة «بقل» كالأصل.
(٢) البيهقي : دفعنا.