العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ، ولكن ترجع ونرجع ، وتنظر وننظر.
وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة ، فقال : وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا ، فقال المثنى بن حارثة : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك ، وإنا إنما نزلنا بين صرّتين (١) اليمامة والشأمة (٢) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما هاتان الصّريان» فقال : أنهار كسرى ومياه العرب ، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول (٣) ، وأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول ، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا ، أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ، وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإنّ دين الله لن ينصره إلّا من حاطه من جميع جوانبه ، أرأيتم إن لم يلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ، ويفرشكم نساءهم ، أتسبّحون الله وتقدّسونه»؟ فقال النعمان بن شريك : اللهم فلك ذلك ، قال : فتلا (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً)(٤) ثم نهض رسول الله صلىاللهعليهوسلم قابضا على يدي أبي بكر وهو يقول : «يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها. بها يدفع الله عزوجل بأس بعضهم عن (٥) بعض ، وبها يتحاجزون فيما بينهم».
قال : فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : فلقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد سرّ بما كان من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم (٦) [٤١٢٩].
رواه غيره فقال أبان بن عثمان الأحمر : قرأته على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن زياد
__________________
(١) في البيهقي : «صربين».
(٢) البيهقي : والسمامة.
(٣) عن البيهقي ، وبالأصل : معقول.
(٤) سورة الأحزاب ، الآية : ٤٥.
(٥) الأصل : «من» والمثبت عن البيهقي.
(٦) ورواه أبو نعيم في الدلائل ١ / ٢٣٧.