أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (١) ، أنبأ علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد الصفار ، نا محمّد بن يونس ، نا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، نا عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم ، عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم ، عن سعيد (٢) بن مسعود ، عن رجلين من كندة من قومه قالا : استطلنا يومنا فانطلقنا إلى عقبة بن عامر الجهني فوجدناه في ظل داره جالسا ، فقلنا له : إنا استطلنا يومنا فجئنا نتحدث عندك ، فقال : وأنا استطلت يومي فخرجت إلى هذا الموضع ، قال : ثم أقبل علينا وقال : كنت أخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرجت ذات يوم ، فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا : من يستأذن لنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدخلت على النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبرته فقال : «ما لي ولهم ، يسألونني عما لا أدري ، إنما أنا عبد لا أعلم إلّا ما علّمني ربي عزوجل» ثم قال : «أبغني وضوءا» فأتيته بوضوء ، فتوضأ ثم خرج إلى المسجد فصلّى ركعتين ، ثم انصرف ، فقال لي وأنا أرى السرور والبشر في وجهه فقال : «أدخل القوم عليّ ، ومن كان من أصحابي فأدخله أيضا» ، قال : فأذنت لهم فدخلوا فقال لهم : «إن شئتم أحدثكم عما جئتم تسألونني عنه من قبل أن تكلّموا ، وإن شئتم فتكلّموا قبل أن أقول» ، قالوا : بل أخبرنا ، قال : «جئتم تسألوني عن ذي القرنين ، إنّ أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا. فسار حتى أتى ساحل أرض مصر ، فابتنى مدينة يقال لها الإسكندرية ، فلما فرغ من بنائها (٣) بعث الله تعالى ملكا ، ففرع به فاستعلى بين السماء والأرض ثم قال : انظر ما تحتك فقال : أرى مدينتين ، ثم استعلى به ثانية ثم قال : انظر ما تحتك فنظر فقال (٤) : أرى مدينتين قد أحاطت بهما ، ثم استعلى به وقال : انظر ما تحتك ، فنظر فقال (٥) : ليس أرى شيئا ؛ فقال : المدينتين هو البحر المستدير وقد جعل الله تعالى له مسلكا يسلك به ، فعلم الجاهل وثبت العالم ، قال : ثم جوّزه فابتنى السدّ جبلين زلقين ، لا يستقر عليهما شيء أصلا. فلما فرغ منهما صار في الأرض فأتى على أمة ـ أو على قوم ـ وجوههم كوجوه الكلاب ، فلما قطعهم أتى على قوم قصار ، فلما قطعهم أتى
__________________
(١) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٦ / ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ونقله السيوطي في الخصائص الكبرى ٢ / ١٠١ عن البيهقي.
(٢) في البيهقي : سعد.
(٣) البيهقي : شأنها.
(٤) ما بين الرقمين سقط من دلائل البيهقي.
(٥) ما بين الرقمين سقط من دلائل البيهقي.