وأنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن الموازيني ، عن عبد العزيز بن بندار الشيرازي ، وأنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمّد المكي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم ، أنا الحسين بن علي بن محمّد ، قالوا : أنا أبو الحسن بن جهضم ، نا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عيسى ـ زاد المكي : الواعظ ـ حدّثنا محمّد بن الحسن الجوهري ، قال : سمعت ذا النون ـ زاد المكي : بن إبراهيم ـ يقول : يا أيها الناس هذا أوان تنصح فيه الأحياء إذ الأموات في غمرتهم يعمهون حين غدا الدين غريبا منبوذا ، وغدا أهله غرباء مهينون قد أقبلوا على أهل الحرام ، وتركوا طلب الحلال ، ورفضوا المعروف ، وأقبلوا على المنكر ، وتركوا الجهاد ، فأظلمت الأرض بعد نورها ، ورضيت (١) العلماء من العلم بعلمهم ، فانتبهوا أيها الأموات أبناء الأموات وأخوات الأموات وجيران الأموات ، وعن قليل أنتم (٢) أموات قد أخليتم الدور وعمرتم القبور ، ألا فقد برح الخفاء لمن فهم الجفاء ، وخانت (٣) العلماء ـ زاد ابن الطّيّوري (٤) والموازيني : فارتقبت ـ وقالوا أو قلن وقال المكي : وهي الخطيات كثرة الدواهي ، وقلّ النواهي ، وكثر الأشرار ، وقلّ الأخيار ، وانتهكوا الآثام وقطعوا الأرحام ، ورضوا بالسلام ، وجلس بعضهم مجالس العلماء يقولون ما لا يعلمون ـ وقال المكي : يفعلون ـ عبيد الدنيا فهم لها متصنعون ، ولها متخشعون غنيّهم فقير ، وجارهم ذليل. لا يبالي غنيّهم ما طوى عليه جاره من جوع أو عري ، إن سألوا ألحّوا ، وإن سئلوا شحّوا ، لبسوا الثياب على قلوب الذئاب ، اتّخذوا مساجد الله الذي يذكر فيها اسمه لرفع أصواتهم وجمع لمصوماتهم لا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، ثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنبأ أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، نا جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي ، نا أحمد بن محمّد بن مسروق ، قال : سمعت ذا النون المصري يقول : اعلموا أن الذي أقام الحياء من الله معرفته بإحسانه إليهم ، وعلمهم بتضييع ما افترض من شكره ،
__________________
(١) كذا بالأصل وم.
(٢) بالأصل «أنت» والمثبت عن م.
(٣) كذا بالأصل وم.
(٤) بالأصل : «الطيور» والمثبت عن م.
(٥) تاريخ بغداد ٨ / ٣٩٤.