قال : وكلت بها من يحفظها ، ولا يظن أبوه إلّا أنه قد وكل بها بعض أصحابه من الرعاة ، فقال : يا بني فإنا قد صنعنا لإخوتك زادا (١) فاخرج به إليهم ، وعجّل الانصراف إليّ.
قال : وأنا إسحاق قال : قال هؤلاء المسمون جميعا بإسنادهم : أن داود خرج وحمل زادا لإخوته ، ومعه عصاه ومخلاته ومرجمته ـ وهي القذّافة ـ وهي المقلاع الذي يرمي به السّباع عن غنمه ، قال : فبينا هو يمشي إذ ناداه حجر فقال : يا داود احملني اقتل لك جالوت ، قال : من أنت؟ قال : أنا حجر إبراهيم الذي قتل بي كذا وكذا ، أنا أقتل جالوت بإذن الله ، قال : فحمله ، فجعله في مخلاته ، قال : ثم مضى ، فناداه حجر آخر ، فقال : يا داود احملني ، قال : من أنت؟ قال : أنا حجر إسحاق الذي قتل بي كذا وكذا ، أنا قاتل جالوت بإذن الله ، قال : فحمله وجعله في مخلاته ، قال : ثم مضى ، فإذا هو بحجر آخر فقال : يا داود احملني معك ، قال : من أنت؟ قال : أنا حجر يعقوب ، أنا أقتل جالوت بإذن الله عزوجل.
قال : وأنا إسحاق ، نا جويبر ، عن الضحاك ، ومقاتل ، عن الضحاك قال : فقال له داود : كيف تقتله؟ قال : أستعين بالريح فتلقي بيضته ، وأصيب جبهته ، وأنفذها منه فأقتله ، فحمله وجعله في مخلاته.
قال : وأنا إسحاق ، قال : وأنا أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه قال : لما تقدم داود أدخل يده في مخلاته فإذا تلك الحجارة الثلاثة صارت حجرا واحدا ، قال : فأخرجه فوضعه في مقلاعه ، فأوحى الله إلى الملائكة أن أعينوا عبدي داود وانصروه ، قال : فتقدم داود وكبّر ، قال : فأجابه الخلق غير الثقلين ؛ الملائكة وحملة العرش فمن دونهم ، فسمع جالوت وجنده شيئا ظنوا أن الله عزوجل قد حشر عليهم أهل الدنيا ، وهبّت ريح وأظلمت عليهم ، وألقت بيضة جالوت ، وقذف داود الحجر في مقلاعه ، ثم أرسله فصار الحجر ثلاثة ، فأصاب أحدهم جبهة جالوت فنفذها منه فألقاه قتيلا ، وذهب الحجر الآخر فأصاب ميمنة جند جالوت فهزمهم ، والثالث أصاب الميسرة فهزمهم ، وظنوا أن الجبال قد خرّت عليهم ، فولّوا مدبرين ، وقتل بعضهم بعضا ، ومنح الله عزوجل بني إسرائيل أكتافهم حتى أبادهم ، وانصرف طالوت ببني إسرائيل مظفّرا ، قد نصرهم الله عز
__________________
(١) الأصل : زاد.