مع أنّه يلزم من وجوده عدمه (١) ، لاستلزامه عدم تنجّز التكليف على كلّ حال المستلزم لعدم لزوم الأقلّ مطلقا المستلزم لعدم الانحلال ، وما يلزم من وجوده عدمه محال(٢).
نعم ، إنّما ينحلّ إذا كان الأقلّ ذا مصلحة ملزمة ، فإنّ وجوبه حينئذ يكون معلوما له ، وإنّما كان الترديد لاحتمال أن يكون الأكثر ذا مصلحتين أو مصلحة
__________________
(١) أي : يلزم من وجود الانحلال عدم الانحلال.
(٢) بيان ذلك : أنّ لازم الانحلال عدم تنجّز التكليف على أيّ تقدير ، ضرورة أنّ الانحلال مستلزم لعدم تنجّزه على تقدير تعلّقه بالأكثر ، وعدم تنجّز التكليف على أيّ تقدير مستلزم لعدم لزوم الأقلّ على أيّ تقدير ، وهو مستلزم لعدم الانحلال ، فيلزم من فرض وجود الانحلال عدمه ، وهو محال.
ولا يخفى : أنّ ما أفاده المصنّف قدسسره في الإشكال على الانحلال ـ من لزوم الخلف ولزوم عدمه من وجوده ـ وقع مورد النقض والإبرام عند المحقّقين من الأعلام بوجوه :
منها : ما أفاده المحقّق النائينيّ وتبعه السيّد الإمام الخمينيّ. وحاصله : أنّ منشأ الإشكالين انّما هو توهّم كون وجوب الأقلّ مقدّميّا على تقدير أن يكون متعلّق التكليف هو الأكثر ، ضرورة أنّه لا مناص عن الإشكالين حينئذ ، لأنّ وجوب المقدّمة وتنجّزه تابع لوجوب ذيها ، فلا يعقل تنجّزه بالنسبة إلى الأقلّ مع عدم تنجّزه بالنسبة إلى الأكثر ـ أي ذى المقدّمة ـ. ولكن وجوب الأقلّ لا يكون إلّا نفسيّا على كلّ تقدير ، سواء كان متعلّق التكليف هو الأقلّ أو كان هو الأكثر ، فإنّ الأجزاء انّما تجب بعين وجوب الكلّ ، فلا يتوقّف وجوب الأقلّ على تنجّز الأكثر ، فإنّ الأمر بالمركّب منجّز ، وينجّز الأمر بالأقلّ بعين تنجّز الأمر بالمركّب. فوائد الاصول ٤ : ١٥٦ ـ ١٥٧ ، أنوار الهداية ٢ : ٢٩٧ ـ ٢٩٨.
ومنها : ما أفاده المحقّق العراقيّ. وحاصله : أنّ ما أفاد المصنّف قدسسره مبنيّ على أخذ جهة الارتباط والانضمام بالزائد قيدا للأقلّ في مرحلة كونه معروضا للوجوب الضمنيّ ، فإنّه حينئذ يستحيل تصوّر مجيء الأقلّ في العهدة مستقلّا وانفكاكه عن تنجّز الأكثر. ولكن هذا المبنى فاسد ، لأنّ جهة الارتباط والانضمام غير مأخوذة في موضوع الوجوب ، فإنّ موضوع الوجوب انّما هو نفس الأفراد بلا ارتباط لبعضها بالآخر حين طروء الوجوب ، بل انّما جاءت جهة الارتباط من قبل وحدة الوجوب المتعلّق بالأجزاء بأسرها ، وحينئذ لا قصور في مجيء الأقلّ في العهدة وتنجّز الوجوب بالنسبة إليه مستقلّا بسبب العلم بوجوبه ولو ضمنيّا. نهاية الأفكار ٣ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ، هامش فوائد الاصول ٤ : ١٥٨.