حرام» (١).
وتقريب دلالة مثل هذه الأخبار على الاستصحاب أن يقال : إنّ الغاية فيها إنّما هي لبيان استمرار ما حكم [به] (٢) على الموضوع واقعا ـ من الطهارة والحلّيّة ـ ظاهرا (٣) ، ما لم يعلم بطروء ضدّه (٤) أو نقيضه (٥) ، لا لتحديد الموضوع ، كي يكون الحكم بهما قاعدة مضروبة لما شكّ في طهارته أو حلّيّته ؛ وذلك لظهور المغيّى فيها في بيان الحكم للأشياء بعناوينها ، لا بما هي مشكوكة الحكم ، كما لا يخفى ؛ فهو وإن لم يكن له بنفسه مساس بذيل القاعدة (٦) ولا الاستصحاب ، إلّا أنّه بغايته دلّ على الاستصحاب ، حيث إنّها ظاهرة في استمرار ذلك الحكم الواقعيّ ظاهرا ما لم يعلم بارتفاعه بطروء ضدّه أو نقيضه.
كما أنّه لو صار مغيّا لغاية ـ مثل الملاقاة بالنجاسة أو ما يوجب الحرمة ـ لدلّ على استمرار ذاك الحكم واقعا ، ولم يكن له حينئذ بنفسه ولا بغايته دلالة على الاستصحاب (٧).
__________________
(١) هذا أيضا مضمون الرواية. وإليك نصّها : «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه». وسائل الشيعة ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.
(٢) ما بين المعقوفتين ليس في النسخ. والأولى إثباته.
(٣) وبتعبير أوضح : إنّ الغاية في الرواية انّما هي لبيان استمرار الحكم الواقعيّ الثابت للشيء ـ من الطهارة والحلّيّة الواقعيّتين ـ ظاهرا.
فقوله : «واقعا» قيد لما حكم به على الموضوع. وقوله : «ظاهرا» قيد للاستمرار.
(٤) كما إذا علم بحرمة شيء بعد العلم بحلّيته ، حيث أنّ الحرمة والحلّيّة ضدّان.
(٥) كما إذا علم بنجاسة شيء بعد العلم بطهارته ، بناء على كون الطهارة أمرا عدميّا ، أي : عدم القذارة.
(٦) أي : قاعدة الطهارة أو قاعدة الحلّيّة.
(٧) لا يخفى : أنّ الاحتمالات المتصوّرة في دلالة مثل هذه الأخبار ستّة :
الأوّل : أن يكون المراد منها قاعدة الطهارة الظاهريّة ، وقاعدة الاستصحاب. وهذا ما ذهب إليه صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٣٧٣.
الثاني : أنّ المراد منها جعل الطهارة الواقعيّة للأشياء ما لم يعلم النجاسة. وهذا مذهب المحقّق البحرانيّ في الحدائق الناضرة ١ : ١٣٦.