باب إفادته الظنّ وكان المورد ممّا يكتفى به أيضا (١).
فالاعتقاديّات كسائر الموضوعات لا بدّ في جريانه فيها من أن يكون في المورد أثر شرعيّ يتمكّن من موافقته مع بقاء الشكّ فيه ، كان ذاك متعلّقا بعمل الجوارح أو الجوانح.
وقد انقدح بذلك أنّه لا مجال له (٢) في نفس النّبوّة إذا كانت ناشئة من كمال النفس بمثابة يوحى إليها وكانت لازمة لبعض مراتب كمالها ، إمّا لعدم الشكّ فيها بعد اتّصاف النفس بها ، أو لعدم كونها مجعولة ، بل من الصفات الخارجيّة التكوينيّة ، ولو فرض الشكّ في بقائها باحتمال انحطاط النفس عن تلك المرتبة وعدم بقائها بتلك المثابة ـ كما هو الشأن في سائر الصفات والملكات الحسنة الحاصلة بالرياضات والمجاهدات ـ ، وعدم (٣) أثر شرعيّ مهمّ لها يترتّب عليها باستصحابها.
نعم ، لو كانت النبوّة من المناصب المجعولة وكانت كالولاية ـ وإن كان لا بدّ في إعطائها من أهليّة وخصوصيّة يستحقّ بها لها ـ لكانت موردا للاستصحاب بنفسها ، فيترتّب عليها آثارها ولو كانت عقليّة (٤) بعد استصحابها ، لكنّه يحتاج إلى دليل كان هناك غير منوط بها ، وإلّا لدار ، كما لا يخفى (٥).
وأمّا استصحابها ، بمعنى استصحاب بعض أحكام شريعة من اتّصف بها ،
__________________
(١) أي : كانت الموارد ممّا يكتفى فيه بالظنّ كما يكتفى فيه بالعلم ، كما لو اخذت المعرفة بمعنى أعمّ من القطع والظنّ.
(٢) أي : للاستصحاب.
(٣) معطوف على قوله : «عدم كونها مجعولة».
(٤) كوجوب إطاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٥) توضيحه : أنّ جريان الاستصحاب في النبوّة المجعولة منوط بثبوت حجّيّته من غير ناحية بقاء النبوّة ، ضرورة أنّ إثبات حجّيّته من ناحية بقاء النبوّة متفرّع على بقاء النبوّة ، والمفروض أنّ بقاء النبوّة متفرّع على جريان الاستصحاب فيها ، وهذا دور.