لاستحالته تعبّدا والالتزام بآثاره شرعا (١).
وأمّا (٢) بمعنى إحراز وجود الموضوع خارجا فلا يعتبر قطعا في جريانه ، لتحقّق أركانه بدونه. نعم ، ربما يكون ممّا لا بدّ منه في ترتيب بعض الآثار. ففي استصحاب عدالة زيد لا يحتاج إلى إحراز حياته لجواز تقليده ، وإن كان محتاجا إليه في جواز الاقتداء به أو وجوب إكرامه أو الإنفاق عليه.
وإنّما الإشكال كلّه في أنّ هذا الاتّحاد هل هو بنظر العرف أو بحسب دليل الحكم أو بنظر العقل؟ (٣)
__________________
(١) توضيح الإيراد : أنّ بقاء العرض على قسمين : تكوينىّ وتعبّديّ. ولا شكّ في أنّ البقاء الحقيقيّ التكوينيّ للعرض لا ينفكّ عن بقاء معروضه حقيقة ، وإلّا يستلزم أحد المحذورين المذكورين من بقاء العارض بلا موضوع وانتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر.
وأمّا في البقاء التشريعيّ التعبّديّ فيمكن انفكاكه عن موضوع وانتقاله إلى موضوع آخر ، فإنّ البقاء التعبّدي ـ وهو مفاد الاستصحاب ـ ليس إلّا ترتيب آثار وجود المستصحب بأمر الشارع ، فلا استحالة في التعبّد بانتقال عرض من موضوع إلى موضوع آخر ، ضرورة أنّه لا استحالة في أمر المولى بأنّك إن كنت على يقين من عدالة زيد فتعبّد بعدالة أبيه بترتيب آثارها.
وبالجملة : أنّ البرهان العقليّ المذكور إنّما يثبت استحالة انتقال العرض حقيقة من موضوع إلى موضوع آخر ، ولا يثبتها تعبّدا.
واورد عليه بوجوه أخر أيضا :
منها : أنّ الدليل المذكور أخصّ من المدّعى ، لأنّ المستصحب لا يكون من الأعراض القائمة بالموضوعات الخارجيّة دائما ، بل قد يكون من الجواهر ، وقد يكون من الامور الاعتباريّة ، وقد يكون من الامور العدميّة.
ومنها : أنّ أدلّة الاستصحاب وافية باعتبار اتّحاد القضيّتين موضوعا ومحمولا ، فيكون الاستدلال بهذا البرهان العقليّ تبعيد للمسافة.
(٢) معطوف على قوله : «بمعنى اتّحاد القضيّة المشكوكة مع المتيقّنة».
(٣) المراد من الاتّحاد بنظر العقل والاتّحاد بنظر العرف واضح ، كما كان الفرق بينهما أيضا واضحا ، فإنّ في كثير من الموارد الّتي يحكم العقل باختلاف الموضوع بالدقّة العقليّة يحكم العرف باتّحاده ، مثلا : إذا شكّ في بقاء نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّر أوصافه بنفسه فالعقل يحكم بأنّ الماء المتغيّر موضوع والماء الّذي زال تغيّره موضوع آخر ، لاحتمال دخل التغيّر في موضوع النجاسة وكونه من مقوّماته ، فلا مجال للاستصحاب ، بخلاف العرف ، ـ