وبقاء الرأي لا بدّ منه في جواز التقليد قطعا ، ولذا لا يجوز التقليد فيما إذا تبدّل الرأي أو ارتفع لمرض أو هرم إجماعا.
وبالجملة : يكون انتفاء الرأي بالموت بنظر العرف بانعدام موضوعه ، ويكون حشره في القيامة إنّما هو من باب إعادة المعدوم ، وإن لم يكن كذلك حقيقة ، لبقاء موضوعه وهو النفس الناطقة الباقية حال الموت ، لتجرّده. وقد عرفت في باب الاستصحاب أنّ المدار في بقاء الموضوع وعدمه هو العرف ، فلا يجدي بقاء النفس عقلا في صحّة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف عليه وحسبان أهله أنّها غير باقية وإنّما تعاد يوم القيامة بعد انعدامها ، فتأمّل جيّدا.
لا يقال : نعم ، الاعتقاد والرأي وإن كان يزول بالموت ، لانعدام موضوعه ، إلّا أنّ حدوثه في حال حياته كاف في جواز تقليده في حال موته ، كما هو الحال في الرواية.
فإنّه يقال : لا شبهة في أنّه لا بدّ في جوازه من بقاء الرأي والاعتقاد ، ولذا لو زال بجنون أو تبدّل ونحوهما لما جاز قطعا ، كما اشير إليه آنفا.
هذا بالنسبة إلى التقليد الابتدائيّ.
وأمّا الاستمراريّ : فربما يقال بأنّه (١) قضيّة استصحاب الأحكام الّتي قلّده فيها ، فإنّ رأيه وإن كان مناطا لعروضها وحدوثها ، إلّا أنّه عرفا من أسباب العروض ، لا من مقوّمات الموضوع والمعروض.
ولكنّه لا يخفى : أنّه لا يقين بالحكم شرعا سابقا ، فإنّ جواز التقليد إن كان بحكم العقل وقضيّة الفطرة ـ كما عرفت ـ فواضح ، فإنّه لا يقتضي أزيد من تنجّز ما أصابه من التكليف والعذر فيما أخطأ ، وهو واضح.
وإن كان بالنقل فكذلك على ما هو التحقيق من أنّ قضيّة الحجّيّة شرعا ليس إلّا ذلك ، لا إنشاء أحكام شرعيّة على طبق مؤدّاها. فلا مجال لاستصحاب ما قلّده ،
__________________
(١) أي : جواز تقليد الميّت في التقليد الاستمراريّ.