لا يقال : نعم ، ولكن بضميمة أصالة العدم (١) لصحّ الاستدلال به وتمّ.
فإنّه يقال : وإن تمّ الاستدلال به بضميمتها ويحكم بإباحة مجهول الحرمة وإطلاقه (٢) ، إلّا أنّه لا بعنوان أنّه مجهول الحرمة شرعا ، بل بعنوان أنّه ممّا لم يرد عنه النهي واقعا.
لا يقال : نعم ، ولكنّه لا يتفاوت فيما هو المهمّ من الحكم بالإباحة في مجهول الحرمة ، كان بهذا العنوان أو بذلك العنوان.
__________________
ـ وإمّا لعدم صحّة التمسّك به.
الثالث : أنّ ظاهر الخبر ـ بناء على أن يكون المراد من الورود هو الصدور ـ جعل صدور النهي غاية رافعة للإباحة الظاهريّة ؛ وهو يرجع إلى فرض عدم الحرمة حدوثا ؛ ومقتضاه عدم الشكّ في الحرمة.
وأمّا الإباحة المالكيّة : فلأنّ إرادة الإباحة المالكيّة قبل الشرع ـ الّتي يحكم بها عقل كلّ عاقل ـ بعيد غير مناسب لمنصب الإمام عليهالسلام المعدّ لتبليغ الأحكام.
وإذا ظهر عدم تلاؤم الإطلاق بجميع أقسامها مع إرادة الصدور من الورود فلا بدّ من حمل الورود على الورود المساوق لوصول الحكم إلى المكلّف وإرادة الإباحة الشرعيّة الظاهريّة من الإطلاق.
الوجه الثاني : أنّ الورود يكون ظاهرا فيما يساوق الوصول عرفا. وذلك لأنّه متعدّ بنفسه إلى المورود. فهناك بلحاظه وارد ومورود ، فيقال : «ورد الماء» و «ورد البلد». وليس المورود في المقام إلّا المكلّف. وعليه فيكون مفاد الرواية : «حتّى يرد المكلّف نهي» ، أي : حتّى يصل إلى المكلّف نهي. نهاية الدراية ٢ : ٤٥١ ـ ٤٥٦.
وذهب السيّد الإمام الخمينيّ أيضا ـ بعد ما ناقش في إفادات المحقّق الاصفهانيّ ـ إلى دلالة الحديث على البراءة مطلقا. بدعوى أنّ معنى قوله عليهالسلام : «حتّى يرد نهي» أنّ هذا الإطلاق والإرسال باق إلى ورود النهي ؛ وليس المراد من الورود هو الصدور عن الشارع ، لانقطاع الوحي في زمان صدور الرواية. تهذيب الاصول ٢ : ٢٤٣ ـ ٢٤٩.
وذهب السيّد المحقّق الخوئيّ إلى دلالته على البراءة في خصوص الشبهات التحريميّة.
راجع مصباح الاصول ٢ : ٢٧٩.
(١) أي : أصالة عدم الورود ، بمعنى استصحاب عدم صدور النهي من الشارع.
(٢) عطف تفسير لقوله : «إباحة» ، أي : وإطلاق مجهول الحرمة. والأولى أن يقول : «يحكم بإطلاق مجهول الحرمة وإباحته» كي يكون قوله : «إباحته» تفسيرا للإطلاق.