ربيعة بن عسل يعجبه النساء ، قال : إن هذا يزعم أنك لا ترى لآل إبراهيم عليك فضلا ، فصفح المصحف ، فكان أول ما وقع عليه وافتتح منه (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)(١) فلما ردّ حمران يتبع ذلك منه ، فسعى به وشهد له أقوام فسيره إلى الشام ، فلما علموا علمه أذنوا (٢) له فأبى ، ولزم الشام.
قال : ونا سيف ، عن محمد ، وطلحة (٣) : أن عثمان سيّر حمران بن أبان ، أن تزوّج امرأة في عدّتها وفرّق بينهما ، وضربه وسيّره إلى البصرة ، فلما سيّر أتى عليه ما شاء الله وأتاه عنه إذن له ، فقدم عليه المدينة ، وقدم معه قوم سعوا بعامر بن عبد قيس أنه لا يرى التزويج (٤) ، ولا يأكل اللحم ، ولا يشهد الجمعة ، وكان من عامر انقباض ، وكان عمله كله خفية (٥) ، فكتب إلى عبد الله بن عامر بذلك ، فألحقه بمعاوية ، فلما قدم عليه وافقه وعند ثريد ، فأكل أكلا غريبا ، فعرف أن الرجل مكذوب عليه ، فقال : يا هذا أترى (٦) فيما أخرجت ، قال : لا ، قال : بلغ الخليفة أنك لا تأكل اللحم ، وقد رأيتك وعرفت أن قد كذب عليك ، وانك لا ترى التزويج ولا تشهد الجمعة ، قال : أما الجمعة فإنّي أشهدها في مؤخر المسجد ، ثم أرجع في أوائل الناس ، وأما التزويج فإنّي خرجت وأنا يخطب عليّ ، وأما اللحم فقد رأيت ولكن كنت امرأ لا آكل ذبائح القصابين مذ رأيت قصابا يجر شاة إلى مذبحها ، ثم وضع السكين على حلقها (٧) ، فما زال يقول : النّفاق النّفاق حتى وجبت ، قال : فارجع ، قال : لا أرجع إلى بلد استحلّ أهله مني ما استحلّوا ، ولكن أقيم بهذا البلد الذي اختاره الله تعالى وكان يكون في السّواحل ، وكان يلقى معاوية ، فيكثر ، ويكثر معاوية أن يقول : حاجتك ، فيقول : لا حاجة لي ، فلما أكثر عليه قال له : تردّ عليّ من حرّ البصرة لعلّ الصوم أن يشتدّ عليّ شيئا ، فإنه يخفّ عليّ في بلادكم.
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٣٣.
(٢) عن م وتاريخ الطبري ، وبالأصل : دنوا.
(٣) المصدر السابق ٢ / ٦٤٠ (حوادث سنة ٣٣).
(٤) كذا بالأصل والطبري ، وفي م : التزوج.
(٥) عن الطبري وبالأصل وم : خيبة.
(٦) في م : «أتدري» وفي الطبري : هل تدري فيم أخرجت.
(٧) في الطبري : مذبحها.