فقال صلىاللهعليهوسلم : «لن تصيبه النار» (١).
ومات أبو النبي صلىاللهعليهوسلم بيثرب ، وذلك أنه لما حملت آمنة برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بعث به عبد المطلب يمتار تمرا منها ، فمات بها (٢). وقيل : مات بموضع يعرف بالأبواء بين مكة والمدينة. والأبواء : بالباء الموحدة مقصور ، بينه وبين الجحفة خمسة فراسخ أو ستة ، سمي بذلك لأن السيول تبوء به ، وهو من المدينة على ثلاثين ميلا. وقيل : مات عبد الله بمكة ـ حكاه الشهرستاني ـ وقيل : مات والنبي صلىاللهعليهوسلم ، حملا في بطن آمنة ، وقيل : بعد أن أتى عليه صلىاللهعليهوسلم ثمانية وعشرون شهرا ، وقيل : سبعة أشهر ، وقيل : شهران ـ والأول أصح ـ ومات عبد الله وعمره خمسا وعشرين سنة. حكاه ابن الجوزي (٣).
فلما بلغ صلىاللهعليهوسلم أربع سنين ، وقيل : ستا ماتت أمه ، وذلك أنه بقي عند آمنة سنة بعد أن أحضرته حليمة ، ثم حملته إلى المدينة لزيارة أخواله من بني عدي بن النجار ، ومعه حاضنته أم أيمن ، فنزلت في دار النابغة ـ رجل من بني النجار ـ فأقامت شهرا ، ثم انصرفت به إلى مكة (٤).
وقيل : بقي معها بالمدينة ستة أشهر ، ثم رجعت به إلى مكة ، فتوفيت
__________________
(١) الحديث ذكره عياض في الشفا ١ / ٤١ ، وروى ابن هشام في السيرة ٢ / ٨٠ ما لقيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد ، وأن مالك بن سنان مص الدم عن وجه رسول الله ، ثم ازدرده ـ ابتلعه ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من مس دمي دمه لم تصبه النار.
وقال عياض في الشفا ١ / ٤١ معقبا على حديث شرب بركة بول النبي وشرب مالك بن سنان دم النبي يوم أحد وتسويغه صلىاللهعليهوسلم ذلك ، واستدل به على نظافة جسمه وطيب ريحه وعرقه ونزاهته عن الأقذار ، وأن الله تعالى خصه بخصائص لم توجد في غيره ، وأنه صلىاللهعليهوسلم لم يكن منه شيء يكره ولا غير طيب.
(٢) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٥ ـ ١٦.
(٣) ذكره ابن الجوزي في المنتظم ٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٥ وفي تلقيح فهوم أهل الأثر ص ٧ ، وانظر : محب الدين الطبري : خلاصة سير ص ١٦.
(٤) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٦.