أنور المتجرّد (١) ، موصول ما بين اللّبة والسرة بشعر يجري كالخيط ، عاري الثديين مما سوى ذلك ، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر ، طويل الزّندين رحب الراحة ، شثن الكفين والقدمين ، وسائر الأطراف ـ أو قال :سائل الأطراف ـ سبط القصب ، خمصان الأخمصين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال تقلعا ، ويخطو تكفّيا ، ويمشي هونا ، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب (٢) ، وإذا التفت التفت جميعا ، خافض الطّرف ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جلّ نظره الملاحظة ، يسوق أصحابه (٣) ، ويبدأ من لقيه بالسلام. قلت : صف لي منطقه ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، ليست له راحة ، ولا يتكلم في غير حاجة ، طويل السكوت ، يفتتح الكلام ، ويختمه بأشداقه (٤) ، ويتكلم بجوامع الكلم ، فضلا لا فضول فيه ولا تقصير ، دمثا (٥) ليس بالجافي ولا المهين (٦) ، يعظم النعمة وإن دقّت (٧) ، ولا يذم شيئا لم يكن يذم ذواقا ولا
__________________
(١) أنور المتجرد : المتجرد ما جرد عنه الثوب من بدنه ، يريد أنه شديد البياض.
انظر : البيهقي : الدلائل ١ / ٢٩٤.
(٢) من صبب : الصبب هو الإنحدار.
انظر : البيهقي : الدلائل ١ / ٢٩٥.
(٣) يسوق أصحابه : يريد أنه إذا مشى مع أصحابه قدمهم بين يديه ومشى من ورائهم.
انظر : البيهقي : الدلائل ١ / ٢٩٥.
(٤) يختمه بأشداقه : وذلك لرحب شدقيه ، وأما ما جاء عنه صلىاللهعليهوسلم في المتشادقين ، فإنه أراد به الذين يتشادقون إذا تكلموا فيميلون بأشداقهم يمينا وشمالا ويتنطعون في القول.
انظر : البيهقي : الدلائل : ١ / ٢٩٤.
(٥) دمثا : يعني سهلا لينا.
انظر : البيهقي : الدلائل ١ / ٢٩٦.
(٦) ليس بالجافي ولا المهين : يريد أنه لا يجفو الناس ولا يهينهم ، ليس بالفظ الغليظ ، ولا الحقير الضعيف.
انظر : البيهقي : الدلائل ١ / ٢٩٦.
(٧) يعظم النعمة وإن دقت : أي لا يستصغر شيئا أوتيه وإن كان صغيرا لا يستحقره.
انظر : البيهقي : الدلائل ١ / ٢٩٦.