روى الحافظ عبد الغني (١) ، عن سنان بن جسر ، عن أبيه قال : «كنت فيمن أدخل ثابت البنانى في قبره ، فرفعت لبنة أصلحها ، فإذا أنّا بالقبر وفيه ثابت قائما يصلي ، فأطبقت اللبنة ، ثم سألت أهله ، فقلت أخبروني ما كان ثابت يسأل به عزوجل؟ قالت : كان يقول : اللهم إن كنت أعطيت أحدا الصلاة في قبره ، فاعطني ذلك» (٢).
وعن إبراهيم بن الصمة المهلبي قال : حدثني الذين كانوا يمرون بالحصن بالأسحار ، قالوا : كنا إذا مررنا بجنبات قبر ثابت سمعنا قراءة القرآن ، ومات ثابت سنة ثلاث وعشرين ومائة (٣).
فحرمة النبي صلىاللهعليهوسلم واحدة حيا وميتا.
وكان أيوب السختياني إذا ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، بكى ، قال مالك : فكان يبكي حتى أرحمه (٤).
وكان مالك إذا ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه ، فقيل له في ذلك ، فقال : «لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم ، ولقد رأيت محمد بن المنكدر (٥) لا تكاد تسأله عن حديث أبدا إلا بكى حتى ترحمه ، ولقد كنت أرى جعفر بن محمد ، وكان كثير الدعابة والتبسم ، فإذا ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، اصفر ، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلا على طهارة ، وكان
__________________
(١) عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري ، كان عالما بالحديث والأنساب ، توفى في سنة ٤٠٩ ه.
انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١٥ / ١٣٠ ، ابن كثير : البداية ١٢ / ٧.
(٢) انظر : أبو نعيم : حلية الأولياء ٢ / ٣١٩ ، ابن الجوزي : صفة الصفوة ٣ / ٢٦٣ وهي حكاية باطلة.
(٣) انظر : ابن الجوزي : المنتظم ٧ / ١٨٨ ، البخاري : التاريخ الكبير ٢ / ١٦٠.
(٤) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٣٣ من حديث مالك بن أنس حين سئل عن أيوب.
(٥) محمد بن المنكدر ، أبو عبد الله التيمي ، كان محدثا صدوقا ، مات في سنة ١٣٠ ه.
انظر : ابن الجوزي : صفة الصفوة ٢ / ١٤٠ ، ابن الحجر : التهذيب ٩ / ٤٧٣.