عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم ، وقد جف لسانه في فمه ، ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير ، فإذا ذكر عنده النبي صلىاللهعليهوسلم ، بكى حتى لا يبقى في عينه دموع ، ولقد رأيت الزهري فإذا ذكر عنده النبي صلىاللهعليهوسلم ، فكأنه ما عرفك ولا عرفته ، ولقد كنت آتي صفوان بن سليم ، وكان من المتعبدين ، فإذا ذكر عنده صلىاللهعليهوسلم ، فلا يزال يبكي حتى تقوم الناس عنه ويتركوه ، وكان قتادة إذا سمع الحديث أخذه العويل والزّويل» (١).
وقال عبد الله بن المبارك (٢) : «كنت عند مالك وهو يحدثنا ، فلذعته عقرب ست عشرة مرة ، وهو يتغير لونه ويصفر ، ولا يقطع حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس ، قلت له : يا أبا عبد الله لقد رأيت منك اليوم عجبا ، قال : نعم ، إنما صبرت إجلالا لحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (٣).
تنبيه :
قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ)(٤) ، اختلف في هذا الاستثناء ، فقيل : موسى عليهالسلام / لأنه حوسب بصعقة يوم الطور ، وقيل : الشهداء ، وقيل : جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وعزرائيل ، وحملة العرش الثمانية ، وقيل : إن هؤلاء
__________________
(١) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٣٣ من حديث مصعب.
الزويل : أي الحركة والبكاء.
انظر : ابن منظور : اللسان مادة «زول».
(٢) عبد الله بن المبارك ، أبو عبد الرحمن المروزي الحافظ ، كان فقيها ومحدثا ثقة ، مات في سنة ١٨١ ه. انظر : البخاري : التاريخ الكبير ٥ / ٢١٢ ، الخطيب : تاريخ بغداد ١٠ / ١٥٢ ـ ١٦٩ ، ابن حجر : التقريب ص ٣٢٠.
(٣) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٣٦.
(٤) سورة الزمر آية (٦٨).