حججت مع الأوزاعي ، فلما قدمنا المدينة اجتمع معه مالك ، ونحن معه وأصحاب مالك معه ، فلم يتذاكرا شيئا من العلم إلّا ذهب الأوزاعي عليه فيه ، فقلنا لأصحاب مالك : كيف ترون صاحبنا من صاحبكم؟ قالوا : لو لم يكن لصاحبكم إلّا سمته لأقررنا له.
وهذه الحكاية محفوظة عن عباس بإسناد آخر غير هذا.
قرأت بخط أبي محمّد التميمي ، وجدت في كتاب أحمد بن إبراهيم بن تمام ، أنا محمّد بن إبراهيم بن مروان ، نا عبد الصمد بن عبد الله ، نا العباس بن الوليد بن مزيد (١) ، حدثني عباس بن نجيح ، نا عون بن حكيم ، قال :
حججت مع الأوزاعي وكان حجاجا ، فلما أتينا المدينة أتى المسجد ، فبلغ مالك مقدمه ، فأتاه ، فسلّم عليه ، قال : فجلسا بين الظهر والعصر يتذاكران الفقه ، فلا يذكرون بابا من أبواب العلم إلّا ذهب الأوزاعي عليه ، ثم صلّيا العصر ، فعادوا المذاكرة ، فلم يزل الأوزاعي على تلك الحال حتى اصفرّت الشمس ، فناظره مالك في كتاب المكاتب والمدبر ، فخالفه فيه ، فلما صلّيا المغرب ، قلت لأصحابه : كيف رأيتم صاحبنا من صاحبكم؟ فقالوا : لو لم يكن في صاحبكم إلّا سمته لأقررنا بفضله.
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أحمد بن عبد الله بن حمشاد ، نا الحسن بن الحسين بن منصور ، نا محمّد بن عبد الوهاب ، سمعت الحسين بن منصور يقول :
اجتمع مالك والأوزاعي في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتناظرا في المغازي فغمزه الأوزاعي ، ثم تناظرا في الفقه فغمزه مالك (٢).
أخبرنا أبو محمّد ، نا أبو محمّد ، أنا أبو محمّد ، أنا أبو الميمون ، أنا أبو زرعة (٣) ، حدثني محمود بن خالد ، عن أبيه ، قال : قال لي سفيان الثوري ـ وذكر ثور بن يزيد ، والمطعم بن المقدام ، والأوزاعي ـ فقال : أين كانا منه؟
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثني أبو سعيد أحمد بن محمّد بن رميح ، نا أبو نصر أحمد بن محمّد بن عبد الله المروزي
__________________
(١) في م : مرثد. تصحيف.
(٢) البداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ١٢٤.
(٣) تاريخ أبي زرعة الدمشقي ١ / ٢٦٦.