ما أنس لا أنس قولي في العتاب له |
|
وقد بدا لي منه وجه محتشم |
إن كان هجرك من خوف الرقيب فصل |
|
بالذّكر مثلي ، فكم ساع بلا قدم |
وابعث إلى الطرف طيفا إن بعثت له |
|
فإنه مذ حجبتم عنه لم ينم |
ولا رأى حسنا من بعد فرقتكم |
|
كأنه إذا رأى يوم الفراق عمي |
أجبتكم ونهتني عفتي فغدا |
|
أحلا وصالكم ما كان في الحلم |
ولو ملكت اختياري في زيارتكم |
|
مشيت شوقا إليكم مشية القلم |
ناديتها ونجوم الليل قد أفلت |
|
والصّبح قد لاح مثل الصّارم الخدم |
فداء من ليس ينسى عهدها أبدا |
|
وليس يكفر ما أولته من نعم |
يا ليلة السّفح ألا عدت ثانية |
|
سقى زمانك هطّال من الدسم |
لأشكرنك والأيام ما بقيت |
|
روحي ودار لساني ناطقا بفمي |
ولا حمدت سوى لبس السواد ولا |
|
دممت حطي رعيا فيك للذمم |
وأنشدنا لأبي سهل :
عزيت نوب الليالي فاغتدوا |
|
ما يستقر لهم بأرض (١) دار |
حتى كأنهم طريق مضائع |
|
وكأن أحداث الزمان نجار |
وأنشدنا له :
تعمّم رأسي بالمشيب فساءني |
|
وما سرّني تقبيح نور بياضه |
وقد أبصرت عيني خطوبا كثيرة |
|
فلم أر خطبا أسودا كبياضه |
وأنشدنا له :
حقّ لمثلي أن يبيت مفكرا احلف ارتماض |
|
قلق الوسادة لا يذوق لما به طعم اغتماض |
أسفا على ما فاته من طيب أيام مواضي |
|
ويزيد في لبس السواد لعظم حادثة البياض |
قال لي القاضي أبو اليسر شاكر بن عبد الله : توفي أبو سهل في زلزلة حماة في رجب سنة ثلاث (٢) وخمسين وخمسمائة.
__________________
(١) بالأصل : باض ، وفوقها ضبة ، والمثبت عن م.
(٢) في خريدة القصر : اثنتين.