وأرمضك (١) ، وإمّا أن تخلع (٢) عن ملكك ، وتضع تاجك ، وتلقي عليك أطمارك ، واعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك ، فقال : إني مفكر الليلة وآتيك في السحر وأخبرك أحد (٣) المنزلتين ، فلما كان في السحر قرع عليه بابه فقال : إنّي اخترت هذا الجبل وفلوات الأرض ، وقفر البلاد ، وقد لبست عليّ أمساحي (٤) ، ووضعت تاجي ، فإن كنت رفيقا لا تخالف. فلزما والله الجبل حتى أتاهما أجلهما جميعا.
وهو الذي يقول فيه أخو تميم عدي بن زيد العبادي (٥) :
أيها الشامت المعير بالده |
|
ر أأنت المبرأ الموفور |
أم لديك العهد الوثيق من الأي |
|
ام بل أنت جاهل مغرور |
من رأيت المنون خلّدن أم من |
|
ذا عليه من أن يضام خفير |
أين كسرى كسرى الملوك أنوشر |
|
وان أم أين قبله سابور |
وبنو الأصفر الكرام ملوك الر |
|
وم لم يبق منهم مذكور |
وأخو الحضر إذ بناه وإذ |
|
دجلة تجبي إليه والخابور (٦) |
شاده مرمرا وجلله (٧) كلسا |
|
فللطير في ذراه وكور |
لم يهبه ريب المنون فباد الم |
|
لك عنه فبابه مهجور |
وتذكر رب الخورنق إذ أش |
|
رف يوما وللهدى تفكير |
سره ماله (٨) وكثرة ما يم |
|
لك والبحر معرض (٩) والسدير |
فارعوى (١٠) قلبه وقال فما غب |
|
طة حيّ إلى الممات يسير |
قال : فبكى هشام حتى اخضلّت لحيته ، وخمّل (١١) عمامته ، وأمر بأبنيته وبقلاع فرشه وحشمه ولزم قصره،فأقبلت الموالي والحشم على خالدبن صفوان بن الأهتم فقالوا:ما ذا
__________________
(١) أرمضك : أوجعك.
(٢) في م : تنحلع.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي الأغاني : إحدى المنزلتين ، عنى هنا : أحد الرأيين ، كما ورد في الأغاني أيضا.
(٤) الأمساح : جمع مسح ، وهو كساء من شعر (اللسان).
(٥) الأبيات في الأغاني ٢ / ١٣٨ ـ ١٣٩ وبعضها في معجم الشعراء ص ٢٤٩ وطبقات الشعراء للجمحي ص ٥٩ وشعراء النصرانية (قبل الإسلام) ص ٤٥٥ ـ ٤٥٦.
(٦) اسم نهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة (انظر معجم البلدان).
(٧) كذا بالأصل والأغاني ، وفي م : وخلله.
(٨) في الشعر والشعراء : سرّ حاله.
(٩) أي متسع.
(١٠) استدرك البيت على هامش الأصل.
(١١) الأغاني : بلّ.