وضعت الرحم والمودة التي لا تشرك أحد منها صاحبه فيها أحدا ، فقال له عمر : كذبت ، فقال له عروة : هذا ـ يعني عبد الله بن عبيد الله بن عتبة ـ يعلم أنّي غير كاذب ، وأن أكذب الكاذبين لمن كذب الصّادقين ، فسلمت عبيد الله ولم يدخل بينهما بشيء فغضب عمر بن عبد العزيز بحبهما ، وقال آخر : حاجتي ، ثم لم يلبث أن بعث إلى عبيد الله بن عبد الله رسولا يدعوه لبعض ما كان يأتيه له ، فكتب إليه عبيد الله :
لعمرو بن ليلى وابن عائشة التي |
|
لمروان اذنه أب غير رمل |
ولو أنّهم عمّا وجدا ووالد انا |
|
سواء فسنّوا سنّة المتعطّل |
عذرت أبا حفص بأن كان واحدا |
|
من القوم يهدي هديهم ليس يأتلي |
ولكنهم فاتوا وجئت مصليا |
|
بقرب أثر السابق المتمهل |
زعمت فإن تلحق قصي مبرر |
|
جواد وإن تسبق فنفسك أعول |
فما لك بالسلطان أن تحمل الندى |
|
جفون عيون بالقذى لم نكحل |
قال : يحمل بمعنى تجعل.
وما الحقّ أن تهوى فتسعف بالذي |
|
هويت إذا ما كان ليس بأجمل |
أبى الله والإسلام أن ترام الخنا |
|
نفوس رجال بالخنا لم توكّل |
قرأت بخط أبي الحسين (١) الرازي ، أخبرني بكر بن عبد الله بن حبيب ، نا الزبير بن بكار ، نا إبراهيم بن المنذر ، عن عثمان بن عمر التيمي قاضي مروان بن محمّد ، قال (٢) :
رأيت في المنام كأن (٣) عاتكة أتت عبد الله بن يزيد بن معاوية ناشرة شعرها ، وهي واقفة على مرقاتين من منبر دمشق ، وهي تنشد بيتين من شعر الأحوص وهما :
أين الشّباب وعيشنا اللذّ (٤) الذي |
|
كنّا به زمنا نسرّ ونجذل |
ذهبت بشاشته وأصبح ذكره |
|
حزنا يعلّ به الفؤاد وينهل |
قال عثمان : فلم يكن بين ذلك وبين الحادثة على مروان وعلى بني أمية إلّا أقل من شهرين ، وهذه القصيدة للأحوص التي يقول فيها (٥) :
__________________
(١) في «ز» ، وم : الحسن.
(٢) الخبر باختلاف الرواية ، في الأغاني ٢١ / ١١١ ـ ١١٢.
(٣) الأصل : كانت ، والتصويب عن «ز» ، وم.
(٤) اللذ : اللذيذ.
(٥) هذه القصيدة رواها بطولها الأصبهاني في الأغاني ٢١ / ٩٨ ـ ١٠١ والبيت التالي ، مطلعها ، كما في الأغاني.