أنا المعافى بن زكريا (١) ، نا عبد الله بن محمّد بن أحمد (٢) بن أبي سعيد أبو (٣) بكر ، نا أبو العيناء ، نا الأصمعي ، قال :
كتب الحجاج إلى عبد الملك كتابا ووجّه به مع رسوله (٤) فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ويستشفي (٥) الخبر من الرسول فيجد شرحه أشفى من كتاب الحجاج ، وكان أسود ، فأنشأ عبد الملك يقول :
وإنّ عرارا إن يكن غير واضح |
|
فإني أحبّ الجون ذا المنطق العمم |
فقال الرسول أنا عرار ، وأبي قال فيّ هذا الشعر ، فأعجب بذلك عبد الملك.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو القاسم عبد الرزاق بن أحمد بن عبد الحميد ، أنا أبو محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد بن ورد ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن حميد البصري ، ثنا محمّد بن القاسم بن خلّاد ، نا العتبي ، عن أبيه قال (٦) :
كتب الحجّاج كتابا إلى عبد الملك بن مروان يصف له فيه أمر أهل العراق ، وما ألقاهم عليه من الاختلاف والاتفاق ، وما أنكره (٧) منهم وعرفوه ، وما يحتاجون إليه من التقويم والتأديب ، ويستأذن في أن يودع قلوبهم من الرغبة والرهبة ما يخفّون معه إلى طاعة السلطان ، ودعا برجل من أصحابه كان يأنس به ، فقال له : لا يصلنّ هذا الكتاب إلّا من يدك إلى يده فإذا فضّه فخبّره عليه (٨) ، قال : ففعل الرجل ذاك ، فجعل عبد الملك كلما شك في شيء استنشأ (٩) الخبر من الرجل فيجده أبلغ من الكتاب ، فقال :
وإن عرارا إن يكن غير واضح |
|
فإني أحب الجون ذا المنطق العمم |
فقال الرجل : يا أمير المؤمنين أتدري من يخاطبك؟ قال : لا ، قال : أنا والله عرار ، وهذا
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا ٤ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.
(٢) في الجليس الصالح : «محمّد».
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي الجليس الصالح : وأبو بكر البزاز.
(٤) عن م والجليس الصالح ، وفي الأصل : رسول الله.
(٥) في م والجليس الصالح : ويستنشي.
(٦) الخبر من هذا الطريق في الاستيعاب ٢ / ٥٢٨ (هامش الإصابة) ضمن ترجمة عمرو بن شأس (والدعرار)
(٧) الاستيعاب : وما يكره منهم وعرفه.
(٨) الاستيعاب : فإذا قبضه فتكلم عليه.
(٩) الاستيعاب : استفهمه.