الشعر لأبي وذلك أن أمي ماتت وأنا مرضع فتزوج أبي امرأة ، فكانت تسيء ولايتي فقال أبي (١) :
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي (٢) |
|
فكوني له كالسمن ربّت (٣) به الأدم |
وإلّا فسيري مثل ما سار راكب |
|
تيمّم خمسا ليس في سيره أمم (٤) |
أردت عرارا بالهوان ومن يرد |
|
عرارا لعمري بالهوان لقد ظلم |
وإن عرارا إن يكن غير واضح |
|
فإني أحب الجون ذا المنطق العمم (٥) |
فقال عبد الملك : لله أنتم آل مروان (٦) ، أنكم لتضعون الهناء موضع النّقب (٧).
قرأت في كتاب علي بن الحسين بن محمّد الأصبهاني (٨) : أخبرني إسماعيل بن يونس نا عمر بن شبة عن إسحاق عن محمّد بن سلّام ، قال : وأخبرني إبراهيم بن أيوب عن ابن قتيبة ، قال : قال ابن سلام :
لما قتل الحجاج عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث بعث برأسه مع عرار بن عمرو بن شأس الأسدي ، فلما ورد به وأوصل كتاب الحجاج ، جعل عبد الملك يقرأه فكلما يشك في شيء سأل عرارا عنه ، فأخبره ، فيعجب عبد الملك من بيانه وفصاحته مع سواده فقال متمثلا :
فإن عرارا إن يكن غير واضح |
|
فإني أحب الجون ذا المنكب العمم |
فضحك عرار من قوله ضحكا غاظ عبد الملك فقال له : مم ضحكت ويحك؟ قال : أتعرف عرارا يا أمير المؤمنين الذي قيل فيه هذا الشعر؟.
قال : لا ، قال : فانا والله هو ، فضحك عبد الملك ثمّ قال : حظ وافق كلمة ، وأحسن جائزته وسرّحه.
__________________
(١) الأبيات في الاستيعاب ٢ / ٥٢٨ ـ ٥٢٩ وأسد الغابة ٣ / ٧٣٦ والشعر والشعراء ١ / ٤٢٥ وبعضها في الأغاني ١٠ / ٦٥ ط بولاق.
(٢) الأصل وم : شيمتي ، والمثبت عن الاستيعاب والشعر والشعراء وأسد الغابة.
(٣) أراد بالأدم : النحي ، وربّت : طليت بربّ التمر.
(٤) الخمس بكسر الخاء ، من أظماء الإبل ، وهو أن ترد الإبل الماء اليوم الخامس. والأمم : القصد والقرب.
(٥) في أسد الغابة والشعر والشعراء : ذا المنكب العمم ، والعمم : التام أو الطويل.
(٦) كذا بالأصل وم.
(٧) الهناء : القطران ، والنقب واحدته نقبة ، وهو أول ما يبدو من الجرب.
(٨) انظر الأغاني ١١ / ١٩٩ (ترجمة عمرو بن شأس ـ مصورة دار الكتب).