دريد ، أنا أبو معمر عن أبيه قال :
قال يحيى بن عروة بن أذينة : أتى أبي وجماعة من الشعراء هشام بن عبد الملك ، فأنشدوه ، فنسبهم ، فلما عرف أبي قال : ألست القائل :
فقد علمت وما الإسراف من خلقي |
|
أنّ الذي هو رزقي سوف يأتيني |
أسعى له فيعنّيني تطلّبه |
|
ولو أقمت أتاني لا يعنّيني |
ألا قعدت حتى يأتيك رزقك ، فلما خرجوا من عنده جلس أبي على راحلته حتى قدم المدينة ، وتنبه عليهم هشام فأمر بجوائزهم ، وقعد أبي ، فسأل عنه ، فأخبر بانصرافه فقال : لا جرم ليعلمنّ أن ذلك سيأتيه في بيته ، ثم أضعف له ما أعطى واحدا من أصحابه ، وكتب له فريضتين كنت أنا أخذهما.
أنبأ (١) أبو العباس أحمد بن يحيى بن أحمد بن ناقة الكوفي (٢) ، أنا أبو البقاء المعمر بن محمّد بن علي بن الحبال ، أنا أبو الطيب أحمد بن أحمد بن علي بن محمّد الجعفري ، حدّثني أبو الحسن أحمد بن عمر المكي ـ بالدّينور ـ نا أبو الخير زيد بن رفاعة الكاتب ، نا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد ، عن أبي حاتم عن العيني قال : سمعت غاضرة بن حاتم يقول : وفد عروة بن أذينة على هشام بن عبد الملك ، فلما دخل إليه شكا خلّة ودينا ، فقال له هشام : أنت القائل :
لقد علمت وما الإشراف من خلقي |
|
أنّ الذي هو رزقي سوف يأتيني |
أسعى له فيعنّيني تطلّبه |
|
ولو جلست أتاني لا يعنّيني |
ثم قد جئت من الحجاز إلى الشام في طلب الرزق ، فقال عروة : وعظت يا أمير المؤمنين فأبلغت ، وخرج إلى راحلته ، فركبها ، ثم وجّهها نحو الحجاز ، فمكث هشام يومه فلما كان في الليل ذكره فقال : رجل من قريش وفد إليّ فجبهته ورددته عن حاجته ، وهو مع ذا شاعر ولا آمن أن يقول فيّ ما يبقى ذكره ، فلما أصبح دعا مولاه فدفع إليه ألفي دينار وقال : الحق بهذه ابن أذينة ، قال المولى : فخرجت إلى المدينة فقرعت عليه الباب ، فخرج إليّ فأعطيته المال ، فقال : أبلغ أمير المؤمنين السلام ، وقل له : كيف رأيت قولي؟ سعيت فأكذبت ، ورجعت إلى منزلي فأتاني ، ولكني قد قلت (٣) :
__________________
(١) في م : أنبأنا.
(٢) مشيخة ابن عساكر ٢١ / ب.
(٣) الأبيات في العقد الفريد بتحقيقنا ١ / ٧٤ مع رابع ، منسوبة إلى محمود الوراق ، ونهاية الأرب ٦ / ٨٨.