فصارت في القدم ، فقيل له اقطع القدم ، فأبى ، فصارت في الساق ، فقيل له : إن لم تقطع الساق صارت في الفخذ ، ولم (١) يمكن قطع الفخذ ، قال : اقطعوها ، قالوا : نسقيك ما يذهب عقلك حتى لا تجد ألم القطع ، قال : لا ، دعوا لي ما أسجد عليه فتركوا له العظم الذي أسفل من الركبة ، ونشرها بمنشار ثم جشّموها فما تكلّم ولا تأوه ، فلما قدم المدينة تلقاه أهل بيته وأصدقاؤه فجعل يقول : (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) ، ثم يقول : لئن كنت ابتليت لقد عافيت ، ولئن كنت أخذت لقد أبقيت ، أخذت واحدا وتركت أربعة ـ يعني بنيه ـ وأخذت واحدا وتركت ثلاثة ـ يعني جوارحه ـ.
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، نا عمر بن بكير ، حدّثني أبو عروة قال :
نشروا رجل عروة ، فلما صاروا إلى القصبة وضع رأسه على الوسادة ساعة ثم أفاق والعرق يتحدّر على وجهه وهو يقول : لئن كنت ابتليت لقد عافيت ، ولئن كنت أخذت لقد أبقيت.
قال : وأنا ابن أبي الدنيا ، نا محمّد بن يزيد الآدمي ، نا سفيان.
ح وأخبرنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو عبد الله ، أنا أبو الحسين بن السمسار ، نا ابن مروان ، نا أحمد بن أبي رجاء نصر بن شاكر ، نا محمّد بن يزيد الآدمي ، نا ابن عيينة.
عن هشام بن عروة ، قال : جاء رجل إلى عروة بن الزّبير فعزاه ، فقال : بأي شيء تعزّيني ، أبرجلي؟ قال : لا ، ولكن بابنك قطعنه الدواب بأرجلها ، فقال عروة : وأيمك وفي حديث ابن أبي الدنيا : وأيمنك ـ لئن ابتليت لقد عافيت ، ولئن أخذت لقد أبقيت ، انتهى حديث ابن أبي الدنيا.
وزاد ابن أبي رجاء قال سفيان : نشرت رجل عروة بالمنشار ، فما تكلّم بشيء في ذلك السفر إلّا أنه قال : (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) ، قال سفيان : قال عروة : ما أغنم إلّا أن أعقل ، وإنما أفرح في ساعة العفو.
قال أبو الحسن بن أبي رجاء : نشرت رجل عروة في دمشق.
وفي حديث ابن أبي رجاء : بابنك يحيى وهو خطأ فإن يحيى بقي بعد أبيه ، وإنّما الذي قتلته الدوابّ محمّد بن عروة (٢).
__________________
(١) الأصل : لم ، والمثبت عن م.
(٢) انظر تهذيب الكمال ١٣ / ١٢.