أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر المعدل ، أنا أبو طاهر الذهبي ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير ، حدّثني محمّد بن حسن ، حدّثني غير واحد منهم : عبد الله بن محمّد بن يحيى بن عروة ، عن هشام بن عروة ، قال :
لما قطع عمر بن الخطاب العقيق فدنا من موضع قصر عروة ، قال : أين المستقطعون (١) منذ اليوم ، فو الله ما مررت بقطيعة تشبه هذه القطيعة ، فقام إليه خوات بن جبير الأنصاري فقال : أقطعنيها يا أمير المؤمنين ، فأقطعه إياها ، وكان يقال لموضعها خيف حرّة الوبرة (٢).
فلما كانت سنة إحدى وأربعين أقطع مروان بن الحكم عبد الله بن عباس بن علقمة بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ما بين الميل الرابع من المدينة إلى صفيرة (٣) أرضي المغيرة بن الأخنس التي في وادي العقيق إلى الجبل الأحمر الذي يطلعك على قباء.
قال : وشهود قطيعته عبد الملك ، وأبان ابنا مروان وعبد الله بن عبد الله بن أبي أمية ، وعبد الرّحمن بن الحارث بن هشام ، فاشترى عروة موضع قصره وأرضه وبئاره من عبد الله بن عباس ، وابتنى واحتفر واحتجر (٤) وضفر (٥) ، فقيل له يا أبا عبد الله انك بغير موضع مدر ، فقال : يأتي الله به من البقيع ، فجاء سيل فدخل في مزارعه فكساها من خليج كان خلجه.
قال : ولما فرغ عروة من بناء قصره وبئاره ، دعا جماعة من الناس وكان فيمن دعا ابن أبي عتيق قال : فطعم الناس وجعلوا يبرّكون وينصرفون ويقولون : ما رأينا ماء أعذب ، ولا أطيب ، ولا منزلا أكرم ، قال : وقام ابن أبي عتيق فبرّك ثمّ قال : لو لا خصيلة واحدة ما كان في الأرض مثلها ، قال : فاشرأب عروة والناس ، وقال ما هي؟ قال : ليس لها وقاية ولا دونها وديعة ، قال : فضحك عروة ومن حضر وأعجبهم ذلك من قول ابن أبي عتيق.
أخبرنا أبو بكر بن المزرفي (٦) ، وأبو القاسم بن السمرقندي ، وأبو الدّرّ مولى ابن
__________________
(١) الأصل : «المتقطعون» ، والمثبت عن م.
(٢) حرة الوبرة : ناحية من أعراض المدينة ، وقيل : هي قرية ذات نخيل.
(٣) كذا بالأصل ، وفي م : ضفيرة ، وفي القاموس المحيط : والصفيرة والضفيرة : ما بين أرضين.
(٤) احتجر : احتجر الأرض : ضرب عليها منارا ، واحتجر اللوح : وضعه في حجره. (القاموس المحيط).
(٥) الأصل : صفر ، والمثبت عن م (انظر القاموس المحيط : ضفر).
(٦) الأصل : المرزوقي ، وفي م : المرزقي ، كلاها تصحيف.