فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أجبهم يا حسان بن ثابت» فقام فقال (١) :
إن الذوائب من فهر وإخوتهم |
|
قد شرعوا (٢) سنة للناس تتبع |
يرضى بها كل من كانت سريرته |
|
تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا |
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم |
|
أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا |
سجية تلك منهم غير محدثة |
|
إن الخلائق فاعلم شرها البدع |
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم |
|
عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا |
ولا يضنون عن جار بفضلهم |
|
ولا ينالهم في مطمع طبع |
إن كان في الناس سباقون بعدهم |
|
فكل سبق لأدنى سبقهم تبّع |
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم |
|
إذا تفرقت الأهواء والشيع |
أعفة ذكرت في الوحي عفتهم |
|
لا يطمعون ولا يرديهم طمع |
كأنهم في الوغى والموت مكتنع (٣) |
|
أسد ببيشة (٤) في أرساغها فدع |
لا فرح (٥) إن أصابوا في عدوهم |
|
وإن أصيبوا فلا خور (٦) ولا جزع |
وإن (٧) أصبنا الحي لم ندبّ لهم |
|
كما يدبّ إلى الوحشية الذرع |
نسمو إلى الحرب نالتنا مخالبها |
|
إذا الزعانف (٨) من أطرافها خشعوا |
خذ منهم ما أبوا عفوا إذا غضبوا |
|
ولا يكن همك الأمر الذي منعوا |
فإن [في](٩) حربهم فاترك عداوتهم |
|
سمّا غريضا (١٠) عليه الصاب والسّلع |
أهدى لهم مدحا قلب يؤازره |
|
فيما أحب لسان حائك صنع |
وأنهم أفضل الأحياء كلّهم |
|
إن جدّ بالناس جدّ القول أو شمعوا (١١) |
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أمر بمنبر فوضع في المسجد ينشد عليه حسان وقال : «إنّ الله
__________________
(١) من قصيدته المشهورة ، ديوانه ص ١٤٥ ، والمصادر الأخرى السابقة.
(٢) الأصل ومغازي الواقدي ، وفي الديوان وسيرة ابن هشام والبداية والنهاية : بينوا.
(٣) الموت مكتنع : أي دان (شرح السيرة لأبي ذر).
(٤) بيشة : من عمل مكة مما يلي اليمن من مكة على خمس مراحل (انظر معجم البلدان).
(٥) الديوان : «لا فخر» وفي سيرة ابن هشام : لا يفخرون إذا نالوا.
(٦) خور : الضعفاء ، وفي سيرة ابن هشام : ولا هلع بدل : جزع.
(٧) الديوان وسيرة ابن هشام : إذا أصبنا.
(٨) الزعانف : أطراف الناس وأتباعهم.
(٩) زيادة عن الديوان والمصادر.
(١٠) الديوان وسيرة ابن هشام : شرا يخاض.
(١١) شمعوا : مزحوا ، أو هزلوا. وأصل الشمع : الطرب واللهو.