ليؤيد حسان» (١) ، وخلا الوفد بعضهم إلى بعض فقال قائلهم : تعلمنّ والله أن هذا الرجل مؤيد مصنوع له ، والله لخطيبه أخطب من خطيبنا ، ولشاعرهم أشعر من شاعرنا ، ولهم أحلم منا ، وكان ثابت بن قيس من أجهر الناس صوتا ، وأنزل الله على نبيه صلىاللهعليهوسلم في رفع أصوات التميميين ويذكر أنهم نادوا النبي صلىاللهعليهوسلم من وراء الحجرات فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) إلى قوله : (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(٢) ، يعني تميما حين نادوا النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان ثابت حين نزلت هذه الآية لا يرفع صوته عند النبي صلىاللهعليهوسلم ، فرد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأسرى والسبي.
وقام عمرو بن الأهتم يومئذ فهجا قيس بن عاصم ، كانا جميعا في الوفد وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أمر لهم بجوائز ، وكان يجيز الوفد إذ قدموا عليه ويفضّل بينهم من العطية على قدر ما يرى ، فلمّا أجازهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «هل بقي منكم من لم نجزه؟» فقالوا : غلام في الرحل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أرسلوه نجزه» ، فقال قيس بن عاصم إنه لا شرف له ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وإن كان ، فإنه وافد وله حقّ» ، فقال عمرو بن الأهتم شعرا يريد قيس بن عاصم :
ظللت مفترشا هلباك (٣) تشتمني |
|
عند الرسول فلم تصدف ولم تصب |
إنا وسؤددنا عود وسؤددكم |
|
مخلّف بمكان العجب والذنب |
إن تبغضونا فإن الروم أصلكم |
|
والروم لا تملك البغضاء للعرب |
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن (٤) ، أنا أبو الحسن السيرافي [أنا أحمد بن إسحاق](٥) نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٦) :
سنة تسع : فيها قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفود العرب فقدم عطارد بن حاجب بن زرارة والزبرقان بن بدر ، وقيس بن عاصم وعمرو بن الأهتم في أشراف من أشراف تميم ، وبلغني أن عطارد بن حاجب كان مع سجاح بنت الحارث بن سويد التي تنبّأت في بني تميم فقال عطارد (٧) :
__________________
(١) زيد في م ومغازي الواقدي : «بروح القدس ما دافع عن نبيه» وسرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يومئذ والمسلمون بمقام ثابت وشعر حسان.
(٢) سورة الحجرات ، الآية : ٦.
(٣) الهلباء والهلب : شعر الذنب (شرح السيرة لأبي ذر).
(٤) الأصل : الحسين ، والتصويب عن م.
(٥) الزيادة لتقويم السند عن م.
(٦) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٩٣.
(٧) البيت في أسد الغابة ٣ / ٥٤٠ والإصابة ٢ / ٢٨٤.