وفد على الوليد بن يزيد.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ؛ أنبأ محمّد بن الحسين ، أنبأ المعافى بن زكريا القاضي (١) ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا محمّد بن عجلان أبو بكر ، حدّثني حمّاد بن إسحاق ، عن أبيه ، حدّثني محمّد بن عبد الحميد بن إسماعيل بن عبد الحميد بن يحيى ، عن عمه أيوب بن إسماعيل ، قال :
لما استخلف الوليد كتب إلى عامله بالمدينة أن أشخص إليّ عطرّد المغني. قال عطرّد : فدفع إليّ العامل الكتاب ، فقرأته وقلت : سمعا وطاعة.
فدخلت عليه في قصره ، وهو قاعد على شفير بركة ليست بالكبيرة يذوب فيها الرجل سباحة ، فو الله ما كلّمني كلمة حتى قال : عطرّد؟ قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : غنني : حيّ الحمول ، قال عطرّد فغنّيت :
حي الحمول بجانب العزل (٢) |
|
إذ لا يلائم (٣) شكلها شكلي |
الله أنجح ما طلبت به |
|
والبر خير حقيبة الرحل |
إنّي بحبلك واصل حبلي |
|
وبريش نبلك رائش نبلي |
وشمائلي ما قد علمت وما |
|
نبحت كلابك طارقا مثلي |
قال : فو الله ما تكلم بكلمة حتى شق بردة صنعانية عليه ـ ما يدرى ما ثمنها ـ نصفين فخرج منها كمّه كما ولدته أمه ، ثم رمى بنفسه في (٤) البركة فنهل منها حتى تعرفت فيها النقصان فأخرج منها ميتا سكرا ، فضربت يدي إلى البردة فأخذتها فو الله ما قال لي الخادم : خذها ولا دعها ، وانصرفت إلى منزلي وأنا أفكر فيه وفيما رأيت منه.
فلما كان من الغد دعاني في مثل ذلك الوقت ، وهو قاعد في مثل ذلك الموضع ، فقال : عطرّد؟ قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : غنني ، فغنّيته (٥) :
أيذهب عمري هكذا لم أنل [بها](٦) |
|
مجالس تشفي قرح قلبي من الوجد |
وقالوا : تداوى إنّ في الطب راحة |
|
فعلّلت (٧) نفسي بالدواء فلم يجد |
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٣٤١ ـ ٣٤٢ والأغاني ٣ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(٢) والعزل موضع في ديار قيس (انظر معجم ما استعجم).
(٣) في الجليس الصالح : بناسب.
(٤) كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.
(٥) البيتان في الجليس الصالح ٢ / ٣٤٢ والأغاني ٣ / ٣٠٨.
(٦) غن الأغاني ، وفي الجليس الصالح وم : «به».
(٧) عن الأغاني ، وبالأصل وم والجليس الصالح : فعزيت.