مفضّل بن فضالة في مشيخة أهل مصر ، قالوا : كان عقبة مستجاب الدعوة (١).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية (٢) ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني مفضل بن فضالة المعافري ، عن يزيد بن أبي حبيب ، ويكنى أبا رجاء مولى بني عامر بن لؤي ، حدّثني رجل من جند مصر قال :
قدمنا مع عقبة بن نافع إفريقية وهو أول الناس اختطها وقطعها للناس مساكن ودورا وبنى مسجدها ، وأقمنا معه حتى عزل عنها وهو خير وال ، وخير أمير ، وولّى معاوية بن أبي سفيان حين عزل عقبة بن نافع مسلمة بن مخلّد الأنصاري ، ولاه مصر وإفريقية ، وعزل معاوية بن حديج الكندي عن مصر ، فوجه مسلمة بن مخلّد إلى إفريقية دينارا أبا المهاجر مولى له وعزل عقبة بن نافع ، فقيل لمسلمة بن مخلّد ، لو أقررت عقبة بن نافع عليها ، فإنّ له جرأة وفضلا ، وهو الذي اختطها وبنى مسجدها ، فقال مسلمة : إنّ أبا المهاجر كان يرى إنّما هو كأحدنا صبر علينا في غير ولاية ولا كبير نيل ، فنحن نحب أن نكافئه ونصطنعه ، فوجهه إلى إفريقية.
فلما قدم دينار أبو المهاجر إفريقية كره أن ينزل في الموضع الذي اختط عقبة بن نافع ، فمضى حتى خلفه بميلين ثمّ نزل بموضع يقال له : أبت كروان فابتناه ونزله.
وخرج عقبة بن نافع منصرفا إلى المشرق حنقا على أبي المهاجر ، وكان أساء عزله فدعا الله أن يمكنه منه ، وبلغ ذلك أبا المهاجر ، فلم يزل خائفا منه مذ بلغه دعوته.
فقدم عقبة بن نافع على معاوية فقال : الله إني فتحت البلاد ودانت لي ، وبنيت المنازل ، وبنيت مسجد الجماعة ، وسكّنت الرجال ، ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلي ، فاعتذر إليه معاوية وقال : قد عرفت مكان مسلمة بن مخلّد من الإمام المظلوم ـ رحمهالله ـ وتقديمه إياه على من سواه ، ثم قيامه بعد ذلك بدمه ، وبذل مهجة نفسه محتسبا صابرا مع من أطاعه من قومه ومواليه ، وقد رددتك على عملك واليا.
[قال :](٣) وأنا محمّد بن عمر قال : فحدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ،
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٣ / ٥٣٣ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ١٨٩.
(٢) الأصل : حيوة ، والمثبت عن م ، و «ز».
(٣) زيادة عن «ز» ، وم.