وقول الأخطل : إنه لمغدف القناع ؛ المغدف : المغطى ، كأنه نسبه إلى الخمول وقصوره عن الشرف وأن يكون بارزا ، مبدئا صفحته مجدا وافتخارا ، كما قال سحيم بن وثيل الرياحي (١) :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني |
ويقال : أغدفت المرأة قناعها ، كما قال عنترة (٢) :
إن تغدفي دوني القناع فإنني |
|
طب بأخذ الفارس المستلئم |
وأما قول القطامي : يمشين رهوا ، فإنه أراد أنهن يمشين في سكون وتؤدة ، وقد قيل في قول الله تعالى : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً)(٣) أي ساكنا ، وقيل : طريقا يبسا. وحكي أن بعض العرب قال في فالج من الإبل : رهو بين سنامين. وقال بعض أهل المعرفة : لو كان القطامي قال هذا البيت في صفة النساء لكان أحسن ، ومن الرهو قول الشاعر :
كأنما أهل حجر ينظرون متى |
|
يرونني خارجا طير يناديد |
طير رأت بازيا نضح الدماء به |
|
وأمه خرجت رهوا إلى عيد |
وقول عمرو بن كلثوم :
نصبنا مثل رهوة ذات حدّ |
|
محافظة وكنا السابقينا |
قيل : هي الخيل.
وقوله : والريح ساكرة ، يعني : ساكتة ، وإذا كانت ساكنة فهي فعل الأشياء المفقودة المعدومة ، يقال : سكر الشىء إذا سكن ، وقيل للسكر الذي هو من سكر الأودية والأنهار سكر : لأنه سكن إذا انسدّ وعدمت سورته ، ومنه السكر من الشراب وغيره. قيل فيه ذلك لاحتباس ما كان منطلقا من السكران وصحة رأيه وصواب منطقه ، وقيل : سكر الحر إذا سكنت فورته ، وهدأ احتدامه وشدته ، كما قال الراجز (٤) :
جاء الشتاء واجثأل القبر (٥)
__________________
(١) الأصمعية الأولى ، البيت الأول منها.
(٢) ديوانه ص ٢٠٥.
(٣) سورة الدخان ، الآية : ٢٤.
(٤) الشطران الأول والثالث في تاج العروس : سكر.
(٥) الأصل ، و «ز» ، وم : «القنبر» والمثبت عن الجليس الصالح وتاج العروس.