واستخفت الأفعى وكانت تظهر |
|
وجعلت عين الحرور تسكر |
وقد قال الله تعالى ، وهو أصدق القائلين : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا)(١) بمعنى سدّت ، وصعب النظر بإسكانها عن الحركة التي تدرك المبصرات بها. وقرأ جمهور القرأة : سكّرت بالتشديد للتكرار إذ كانت الأبصار جماعة. وقرأ بعضهم : سكرت بالتخفيف لدلالة هذه القراءة على المعنى ، ومثله : فتّحت أبوابها وفتحت في نظائر لهذا كثيرة. وهي مشروعة فيما تضمنته الكتب في علوم القرآن من كلامنا وكلام من تقدمنا. وبالتخفيف قرأ ابن كثير فيمن وافقه من المكيين.
وقوله :
إن تصبحي من أبي عثمان منجحة |
|
فقد يهون على المستنجح العمل |
من الكلام الحسن في الإنباء عن أن من أنجح سعيه وأدرك ما أمه هان عليه ما كان أنصبه وعناه وأتعبه في قصد مطلوبه ، ومثله قول سابق البربري :
إذا ما نال ذو طلب نجاحا |
|
بأمر لم يجد ألم الطلاب |
ونظائر هذا المعنى كثيرة يتعب إحصاؤها ، ويمل استقصاؤها.
أخبرنا (٢) أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو محمد عبد الوهاب بن علي ، أنا أبو الحسن الطاهري قال : قرئ على بكر الختلي ، ثنا الفضل بن الحباب ، نا محمد بن سلام (٣) قال : وكان القطامي شارعا فحلا ، رقيق الحواشي ، حلو الشعر ، والأخطل أبعد منه ذكرا ، وأمتن شعرا.
وكان زفر بن الحارث أسره في حرب بينهم وبين تغلب ، فمنّ عليه وأعطاه مائة من الإبل ، ورد عليه ماله ، فقال القطامي في كلمة له :
من مبلغ زفر القيسي مدحته |
|
عن القطامي قولا غير إفناد |
فلن أثيبك بالنعماء مشتمة |
|
ولن أبدل إحسانا بإفساد |
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية : ١٥ ، وفي «ز» ، وم : لقالوا إنما سكرت أبصارنا.
(٢) كتب فوقها في «ز» : «ح» بحرف صغير.
(٣) الخبر والشعر في طبقات الشعراء للجمحي ص ١٦٥ ـ ١٦٦.