وأم الرّحيل في كفّيه محجنه |
|
يؤامر النفس في طعن وفي قعد |
إمّا جوار إذا ما غاب ضيّعها |
|
أو المقام فصنك المعير والوتد |
فدمعه عسق وماؤه سرق |
|
وقلبه فرق من شدّة الكمد (١) |
لنسوة رغب أولادها سغب |
|
كأفرخ زغب حلّوا على ضمد |
قالوا الرحيل فداروا حول شيخهم |
|
يسترجعون له أن خاض بالبلد |
يدعو (٢) أصبية فقدان والدهم |
|
ووالدا واضعا (٣) كفّا على كبد |
قالوا : يا أبانا إذا ما غبت كيف لنا |
|
بمثل والدنا في القرب والبعد |
قد كنت ترضعنا إن درة نكأت |
|
عنا وتكلؤنا بالرّوح والجسد |
فغرغر الشيخ من حزن مدامعه |
|
أنفاسه من سخين الحزن في صعد (٤) |
وقال تردع صبيانا وأجوبة |
|
أوصيكم باتقاء الله يا ولد |
أما أغيّب فأبوا من حلوبتكم |
|
أو متّ فاعتصموا بالواحد الصّمد |
قال : فرق له معاوية وقال : كم دينك يا عمرو؟ كم يرضيك؟ قال : ثلاثون ألفا ، عشرة آلاف أقضي بها ديني ، وعشرة آلاف أرم بها أمري ، وعشرة آلاف أستعين بها على دهري ، قال : أعطوه ستين ألفا.
قال : وحدّثني محمّد بن مروان ، حدّثني أبو سعيد بكر بن محمّد السّلمي ، نا عبد الله بن محمّد القرشي ، نا محمّد بن عبّاد بن موسى العكلي (٥) ، حدّثني محمّد بن عبد الله الخزاعي ، حدّثني رجل من بني سليم قال :
كان عمرو بن مسعود رجل من بني سليم ، ثم أحد بني ذكوان ينزل الطائف ، وكان صديقا لأبي سفيان بن حرب وأخا ، وكان له مال وولد ، فذهب ماله ، وزوّج ولده ، وإن الشيخ عمّر حتى إذا استخلف معاوية أتاه بالخلّة التي كانت بينه وبين أبي سفيان ، فأقام ببابه سنة وبعض أخرى لا يصل إليه ، ثم إنّ معاوية ظهر للناس يوما ، فكتب إليه في رقعة :
__________________
(١) في المختصر :
فقلبه فرق وماؤه سرق |
|
ودمعه عسق من شدة الكمد |
(٢) في المختصر : ينعي.
(٣) كذا بالأصل وم : وفي المختصر : ووالد واضع.
(٤) المختصر :
فغرغر الشيخ في عينيه عبرته |
|
أنفاسه من سخين الوجد في صعد |
(٥) غير واضحة بالأصل وم ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٦ / ٣٩٩.